الشيخ حسام مخلوف يكتب: العشر الأُول من ذي الحِجّة فضائل وأسرار
- الحمد لله والصلاة والسلام على سَيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد:
- فها هي نفحات الله على أمتنا بين الحين والآخر؛ إننا في أيام نفحات طيبة كريمة، أيام الحجّ، أيّام المغفرة والعتق من النار، هنيئًا لمن تعرّض لنفحات الله تعالى.
- إنّ مِن رّحمـة الله تعالى بعباده أن يسّر لهم سُبُل الطاعة والعبادة؛ فهيّأ الزمان -بين حين وآخر- للعبادة والطاعة، فنجد رمضان ونفحاته ورحماته المنزّلَة، وشهر ذي الحَجّة الأغرّ الأكرم، ونفحات الكرم والمغفرة والعتق من النيران؛ وما كان هذا إلا تيسيرًا على عباد الله، وتسهيلاً للطاعة.
- وها نحن أَيّها الأحبّة الكرام :-
نلتقي مع أفضل أيام الله تعالى في العام والعمر بل والدنيا كلها . • فإذا كان ربنا قد فضّل ليلة القدر على غيرها من الليالي، وفضّل شهر رمضان على غيره من الشهور، وفضّل يوم الجمعة على غيره من الأيام، فإنّ أيّام العشر الأوائل من ذي الحِجّة هي أفضل الأيام بنص القرآن ووالسُّنّة…
- حيث أن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- حيث قال: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ». رواه الطبراني ،ورجاله رجال الصحيح .
- أهلا ومرحبًا بأفضل أيام الدنيا على الإطلاق….
- والمسلم ينبغي أن يكون مقدِّرًا لشرَف الزمان والمكان… فالزمان شريف، والمؤمن بإيمانه يحرص على إقامة الطاعة فيها،واستغلالها الاستغلال الأمثل …
ولذا ينبغى علينا أن نهتمّ بالعشر الأوائل من ذي الحِجّـة، ومن أسباب الاهتمام بها ما يلى:-
أولاً: لأنّ الله شرّفها وكرّمها، فأقسم بها في أوّل سورة الفجر
﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ الفجر:2,1
ثانيًا: لأنّه اجتمع فيها أمهات العبادات والفضائل ( من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وذكر وتكبير وتلبية والأضاحى وغيرها ).
- قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- :(والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره).
ثالثًا: لأنّها أقرب فرصة للعبد في القرْب من الله تعالى، وذكره واللجوء إليه.
قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ البقرة: 203
وقال تعالى أيضًا: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾
الحج: 27، 28
فالأيّام المعدودات هي العشر الأُول من ذي الحِجّة.
رابعًا: لأنها آخر موسم من مواسم العام الهجري( فبماذا ستختم عامَك في هذه الأيام ).
فقد اجتمع لهذه الأيام شرف الزمان والمكان معًا، وشرف الطاعة المالية والبدنية والروحية معًا.
خامسًا: لأنّ فيها يوْم (عرفة)، وهو يساوي في النقاء والطهارة عامين كامِلين ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رواه مسلم.
سادسًا: لأنّ العمل فيها يساوي ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى.
عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) -يعني أيام العشر- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ) … رواه أبو داود (2438) والترمذي (757) قال الشيخ الألباني: صحيح: انظر صحيح أبي داود ..
سابعاً: أنها أيام أكمل الله فيها الدين وأتمّ فيها النعمة على عباده، قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ المائدة: 3
- وقد نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع .
ثامنًا: لأنّها أيام تعبّد نبيّ الله موسى عليه السلام لربّه سبحانه وتعالى…
قال تعالى:- «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» الأعراف: 142
قال ابن كثير:«قيل: إنها شهر ذو القعدة بكماله وعشر من ذي الحجة ، وكان ذلك بعد خلاص قوم موسى من فرعون وجنده واغراقهم فى البحر».
- فحريّ بنا أن نستفيد ونغتنم هذه الأيام الصالحة،وأن نتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلّم فيها.
نسألُ الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه…
اللهم أصلِح ذوات بيننا، وأعِد أيام العشر على أمتنا كلها بالخير واليُمن والبركات..
اللهم تقبّل منا صالح أعمالنا، واختم لنا بالصالحات…
اللهم احفظ مصرنا من كل سوء وبلاء، واصرف عنها سوء المعيشة وشرّ الغلاء…
اللهم أعِد إلينا كرامتنا، ويسّر أمورنا، واحفظ أعراضنا، وحقق أمانينا، وثبت إيماننا….
اللهم أذِقْنا حلاوة الإيمان بك والقرب منك…
اللهم انصر المسلمين المستضعفين في كل مكان، وعليك باليهود الغاصبين المتجبرين، اقذف الرعب في قلوبهم وقلوب من والاهم وأيّدهم وعاونهم.
اللهم وارزقنا قريبًا برحمتك زيارة بيتك واقبلنا وتقبّلنا يا أرحم الراحمين…
اللهم آمين.
التعليقات مغلقة.