Take a fresh look at your lifestyle.

“صندوقي الأسود” للكاتبة ناهد إمام في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021

167

يشارك كتاب “صندوقي الأسود” للكاتبة الصحافية ناهد إمام الصادر عن دار كتبنا للنشر والتوزيع في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ٥٢.

الكتاب هو عبارة عن تجربة إنسانية عاشتها الكاتبة، وخبرة اجتماعية ونفسية قررت نقلها عبر هذا الكتاب، قال عنه الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي، أنه اعترافات في كتاب، وهو ما يحمل أقصى درجات العلنية، ومن ثم أقصى درجات الشجاعة، وبذا يجمع الكتاب بين صفة السيرة الذاتية في الأدب، وصفة دراسة الحالة في علم النفس.

وتدور أحداث الكتاب في الثلاثة عقود الأخيرة من القرن العشرين، والعقدين الأولين من القرن الواحد والعشرين، وتنتقل عبر ثلاث دول عربية هي (مصر، والكويت، وسلطنة عمان)، ومن ثم تغطي مرحلة زمنية حرجة شهدت اضطرابات وتحولات في الهوية المصرية والعربية، انعكست على الكاتبة، وأثرت فيها، فنقلتها – بحسب الدكتور المهدي- بأمانة وصدق، لنرى ذاتنا المأزومة في مرآتها المكسورة، وقد نجحت الكاتبة في المزج بين ما هو شخصي وما هو عام، بل وتضفيرهما في بناء أدبي محكم ومتميز وشائق، وربما صادم في بعض المواقع.

فقد عاشت الكاتبة تجربة عاشها الكثيرون مثلها في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات في القرن الماضي، حيث كان الشباب العربي يعيش أزمة البحث عن الهوية بعد نكسة يونيو 1967، وانهيار المشروع القومي الناصري، وكانت الخيارات أمامه محدودة، ومستقطبة، بين هوية وطنية يروج لها أهل الحكم والسلطة وتتطلب منه الطاعة والإذعان باسم الوطنية، وعلى الجانب الآخر جماعات الإسلام السياسي، وتتطلب منه الطاعة والانقياد والتسليم باسم الدين.

وبما أن الكاتبة –ككثير من الشباب العربي- كانت أقرب للطبيعة الدينية، فقد راحت تبحث عن هويتها لدى المتدينين، ونظرًا إلى طبيعتها المتحمسة والمتفانية فقد عاشت حالات الانتماء في جماعات دينية، مختلفة، بكل الصدق والتفاني والحماس، ولم يقتصر علاقتها بتلك الجماعات على حدود الانتماء الفكري أو العقيدي، بل وصل إلى “التزاوج”، والعيش في بيت، ومع زوج يعيش مبادئ تلك الجماعات بحلوها ومرها، وعايشت معه تفاصيل تلك الحياة.

ومن هنا، تبدو شهادتها جديرة بالتأمل والدراسة والتحليل، وأكاد أزعم أنه لم يكتب أحد عن الحياة الداخلية للجماعات الدينية، بمثل هذه الدقة، وتلك التفاصيل، يضاف إلى ذلك الجرأة الاستثنائية لدى الكاتبة في أن تفصح عن مكنون صندوقها الأسود، وتحكي أسرار مازال أطرافها أو أغلبهم، أحياء يرزقون، وتجازف بتعريض نفسها للانتقاد، أو الهجوم، أو التجريح، أو الوصم بالاضطراب النفسي أو الفكري أو العقيدي، أو نهش حياتها الشخصية، وابتزازها، أو الاتهام بأنها تبيع مادة لمن يكرهون ويحاربون هذه الجماعات الدينية.

ويضيف الدكتور محمد المهدي، أن فصول الكتاب صادقة وصادمة، وممتعة، خاصة الفصل التاسع “رحلة البصيرة”، حيث أفردته الكاتبة للافصاح عن شيء يخفيه الكثيرون ويعتبرونه وصمة عار، وهو إصابتها بنوبة اكتئاب شديدة وصفتها ببراعة لم يرها من قبل، حيث يقتل الاكتئاب كل نسمة حياة في النفس، ويجعل الموت والعدم احتمالًا قائمًا، بل ومفضلًا، ويجفف منابع الروح، ويترك الإنسان في حالة اللاشيء، وكيف أن الكاتبة نجحت في نقل كل مشاعر، وأحاسيس، وأفكار الاكتئاب الذي داهمها، واعتبرته رغم قسوته، ضرورة حتمية للتحرر من ذاتها المزيفة، والعودة لذاتها الحقيقية، وامتلاك الشجاعة لتحطيم كل التابوهات المزيفة في حياتها، وإجراء مصالحة مع ذاتها الحقيقية، ومع كل شيء حقيقي وجميل في الحياة.

 

تقول الكاتبة عن كتابها: “الصندوق الأسود”، هو أول ما تتوجه الأنظار للبحث عنه وسط الحطام، فور سقوط أي طائرة، ففيه تقبع كل أسرار السقوط والتحطم، فيمكن معرفة أسبابه، وتعلم الدرس، وتوخي الحذر، وهكذا ” صندوقي الأسود”، فهناك ثمة صندوق أسود للذات، نتعرف بواسطته أيضًا كل الأسرار، وأسباب السقوط والتحطم، التشوه والتيه، حتى يتم تعلم الدرس، ويتم التعافي والانعتاق.

التعليقات مغلقة.