Take a fresh look at your lifestyle.

إبراهيم شعبان يكتب: الجميع ينتظر مصر

32

لم يكن مفاجئا ما أعلنه الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن، خلال لقاء الرئيس الأمريكي ترامب بخصوص تهجير غزة: “ننتظر خطة من مصر”، وما تلا ذلك في إعلان وزارة الخارجية اعتزام مصر طرح تصور متكامل لإعادة إعمار القطاع وبصورة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية”.

وما أتبعته وزارة الخارجية في البيان الذي تلقفه العالم عقب لقاء ترامب مع العاهل الأردني: “أن مصر تشدد على أن أي رؤية لحل القضية الفلسطينية يجب أن تأخذ في الاعتبار تجنب تعريض مكتسبات السلام في المنطقة للخطر، من خلال إنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والعيش المشترك”.

والحقيقة أن، انتظار الجميع خطة وتصور مصر الكامل لإعادة إعمار قطاع غزة في محله تماما، فمصر هى الداعم الرئيس للشعب الفلسطيني ووقفتها خلال الحرب المدمرة، التي استمرت 15 شهرا على قطاع غزة كانت مشرفة، وهى أول من انتبهت لحرب الإبادة، وهى أول من حذرت من تجويع القطاع وجعل الحياة فيه مستحيلة للشعب الفلسطيني، وأجهضت خطة اسرائيلية سافرة كان نتنياهو يود تنفيذها خلال اجتياح رفح في العام الماضي، بدفع مئات الآلاف من الفلسطينيين للأراضي المصرية، فأكد الرئيس السيسي وقتها أن ذلك لن يحدث وأي أي حل لا ينبغي أن يكون على حساب مصر.

والحاصل، أن ما يحدث في قطاع غزة من تصعيد سياسي، عقب اتفاق الهدنة  وبالخصوص من جانب إدارة ترامب غير الموازين تماما، فلم يكن أكثر المتشائمين يعتقد ان تكون إدارة ترامب بكل هذا الانحياز السافر، لمتطلبات الحكومة الاسرائيلية الحاكمة في تل أبيب بل الأدهى أن ترامب يُعلي على مطالب حكومة نتنياهو نفسها ويلغي وجودها. ومقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ونقلهم خارجه، واحدة من “الشطحات الاستعمارية” للوافد الجديد للبيت الأبيض، الذي اعتبرت في مقال سابق أن فوزه كارثة على العرب.

وإذا كان ترامب، يتوهم أن اقتلاع 2 مليون فلسطيني من أرضهم ونقلهم الى دول الجوار مثل مصر والأردن أو دول أخرى وفق ما ظهر في الأجندة سيكون سهلا، فإن الفلسطينيون أنفسهم واعون تماما اليوم، أن نقلهم ليس لإعادة إعمار القطاع وهو مدمر بالكامل للأسف، وعملية إزالة الركام الهائل والأنقاض فقط تحتاج من 3-5 سنوات وفق الأمم المتحدة، وخطة إعادة إعماره نفسها تحتاج إلى 53 مليار دولار منها 20 مليار دولار بشكل عاجل في الثلاث سنوات الإولى، فإن الفلسطينيون ورغم هذه النكبة التي طالت أرضهم، واعون تماما أن دفعهم للخروج سواء كان تهجيرا قسريا أو طوعيا وفق بعض الأطروحات الإسرائيلية وتوفير مغريات للسفر، فإنه سيكون الخروج الأخير ولن يعودوا للقطاع مرة ثانية. وهو ما ثبت مع أكثر من 5 ملايين لاجىء فلسطيني لم يعودوا للأراضي الفلسطينية عقب خروجهم في 1948 و1967.

-الخطورة في مشاريع ترامب الاستعمارية، بخصوص غزة أنها لا تقف عند حدود القطاع ولكن تتجاوزه الى سيادة دول عربية أخرى مثل مصر والأردن، وهنا تتعلق الأنظار بخطة مصر وتصورها الكامل لإعادة إعمار القطاع، وتوضيح أن ما يطرح مرفوض تماما لأنه يعرض الأمن القومي المصري والعربي للخطر الشديد، وأن أي تنازل فيه سيكون ظلما للفلسطينيين وكارثة على العرب.

السؤال الشائك في كل ما يدور،  هو ما سيكون عليه دور حركة حماس في قطاع غزة مستقبلا، فاستمرار وجودها أو بالأحرى استمرار حكمها للقطاع، سيدمر أي تواصل مع إدارة ترامب المنحازة لإسرائيل بالكامل، كما أن الحركة نفسها وبسبب قراراتها الانفرادية ومنها 7 أكتوبر، تسببت في حدوث كارثة حقيقية لحل الدولتين، واندلاع حرب شرسة قضت على الأخضر واليابس في القطاع، وكما قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط علانية : “إنه إذا كان من المصلحة الفلسطينية أن تتنحى حماس عن الصورة وحكم غزة فليكن ذلك”، وهو الرأي الأكثر عقلانية للحفاظ على “باب موارب” مع إدارة ترامب العنيفة، وفي نفس الوقت حماية القطاع من تصعيد أكبر واجهاض مخطط التهجير بسبب التذرع طوال الوقت بوجود جماعات مسلحة على حدود تل أبيب، واستعادة ذكرى 7 أكتوبر.

الخلاصة.. الأراضي الفلسطينية تواجه خطرا وجوديا ولابد للفلسطينيين من توحيد كلمتهم داخليا، في نفس الوقت فإنه لن تقبل مصر ولن يقبل أي أحد أن يكون حل ما يحدث في غزة على حساب دول عربية أخرى، بما يمس أمنها وسيادتها وحتى استقرارها.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.