Take a fresh look at your lifestyle.

فارس المنابر… الذكرى “٨٤” لميلاد أشهر رئيس لجامعة الأزهر

28

«إنِّني وهَبْتُكَ قبلَ أنْ تُولَدَ لخدمةِ القرآنِ والسُّنَّةِ؛ فلا أرضَى بغيرِ أُصولِ الدِّينِ بديلًا» تلك البداية الأبوية التي وجهت أشهر رئيس جامعة الأزهر أن يكون عالمًا قلَّ نظراؤه في الحديث النبوي الشريف، والذي تحل علينا اليوم ذكرى ميلاده الرابعة والثمانين.

ففي مثلِ هذا اليومِ -السَّادسِ من فبرايرَ عامَ 1941، والذي وافق العاشرَ مِنَ المُحَرَّمِ سنةَ 1360هـ- وُلِدَ الدُّكتور أحمد عمر هاشم، في منطقةِ «أبو هاشم»، بقريةِ بني عامرٍ، التابعةِ لمركزِ الزَّقازيقِ، بمحافظةِ الشَّرقيَّةِ.

نَشَأَ “هاشم” في عائلةٍ مرموقةٍ في العلمِ والتَّصوُّفِ، فتربَّى في كنفِ والدِه الشَّيخِ عمر إبراهيم هاشم، وتلقى العلم على يدِ شيوخِ قريتِه الأفاضلِ، ومنْهم: الشَّيخُ محمود أبو هاشم، والدُّكتور الحسيني عبد المجيد هاشم.

نبوغ مبكر…

حفظَ القرآنَ الكريمَ بقريتِه في سنٍّ مُبكِّرةٍ، ثمَّ التحقَ بالمرحلةِ الابتدائيَّةِ بمعهدِ الزَّقازيقِ الدِّينيِّ، وأكملَ المرحلةَ الثَّانويَّةَ في المعهدِ نفسِه واختارَ القِسمَ الأدبيَّ؛ حيثُ إنَّه عُرِفَ منذُ حداثةِ سنِّه بشغفِه بالخطابةِ وكثرةِ الاطِّلاعِ، ممَّا جعلَه يحصلُ على شهادةِ الثَّانويَّةِ الأزهريَّةِ بتفوُّقٍ كبيرٍ، أهَّلَه لاختيارِ الكُلِّيَّةِ الَّتي يُريدُ أنْ يلتحقَ بها.

موهوب للقرآن والسنة…

كانَ الدُّكتور أحمد عمر هاشم يُريدُ أنْ يلتحقَ بكُلِّيَّةِ دارِ العُلومِ أوْ كُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ؛ نظرًا لموهبتِه الشِّعريَّةِ، ولكنَّ أباه قالَ له: «إنِّني وهَبْتُكَ قبلَ أنْ تُولَدَ لخدمةِ القرآنِ والسُّنَّةِ؛ فلا أرضَى بغيرِ أُصولِ الدِّينِ بديلًا»، فالتحقَ بها، وتخصَّصَ في دراسةِ الحديثِ النبوي الشَّريفِ، حتَّى حصلَ على الإجازةِ العاليةِ (الليسانس) بتفوُّقٍ1961.

رحلة علمية مع السنة النبوية

عُيِّنَ بعدها مُعيدًا بقِسمِ الحديثِ وعُلومِه بكُلِّيَّةِ أُصولِ الدِّينِ، ثمَّ واصلَ طَلَبَه للعِلمِ؛ فالتحقَ بالدِّراساتِ العُليا، وحصلَ على الماجستير 1971، بتقديرِ مُمتازٍ، وكانَ عُنوانُ رسالتِه «الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ وأثرُه في السُّنَّةِ»، وكانَ المُشرِفُ عليه الشَّيخَ محمد أبو زهو، فعُيِّنَ مُدرِّسًا مُساعدًا، وبعدَها بسنتَيْنِ حصلُ على الدُّكتوراه معَ مرتبةِ الشَّرفِ، وكانَ عُنوانُها «السُّنَّةُ في القَرْنِ الثَّالثِ الهجريِّ»، وكانَ المُشرِفُ عليه الشَّيخَ محمد أبو زهو أيضًا؛ فعُيَّنُ مُدرِّسًا بالقِسمِ.

مناصب علمية وإعارات…

أُعير “هاشم” إلى جامعةِ أمِّ دُرمانَ بالسُّودانِ لمُدَّةِ شهرَيْنِ 1976، ومنْها يُغادرُ مُعارًا إلى كُلِّيَّةِ الشَّريعةِ بمكَّةَ المُكرَّمةِ ليعملَ بها أستاذًا لمدَّةِ أربعِ سنواتٍ، وخلالَها استمرَّ في تقديمِ أبحاثِه العِلميَّةِ حتَّى صارَ أستاذًا مُساعِدًا عامَ 1978، ثمَّ أستاذًا 1983، وفي العامِ نفسِه اخْتِيرَ رئيسًا لقِسمِ الحديثِ الشَّريفِ وعُلومِه بكُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ، وفي 198 عُيَّنُ عميدًا لكُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ والدَّعوةِ بالزَّقازيقِ، وبعدَها بسنتَيْنِ أصبحُ نائبًا لرئيسِ جامعةِ الأزهرِ الشَّريفِ لشُئونِ التَّعليمِ والطُّلَّابِ.

أشهر رئيس لجامعة الأزهر…

وفي 1995 وقعُ الاختيارُ عليه ليكونَ رئيسًا لجامعةِ الأزهرِ الشَّريفِ، ويستمرُّ في هذا المنصبِ ثمانيَ سنواتٍ، يعودُ بعدَها في 2003 رئيسًا لقِسمِ الحديثِ وعُلومِه بكُلِّيَّةِ أُصولِ الدِّينِ بالقاهرةِ حتَّى يصلَ لسنِّ التَّقاعُدِ، فيصبحُ أستاذًا مُتفرِّغًا عامَ 2006.

عضو مؤسس لكبار العلماء..

اختِيرَ فضيلته عضوًا مُؤسِّسًا بهيئةِ كبارِ العُلماءِ عندَما أُعيدَتْ مرَّةً أُخرَى عامَ 2012؛ حيثُ جاءَ اسمه في قرارِ رئيسِ الجمهوريَّةِ رَقْمِ (24)، الصَّادرِ في السَّابعِ والعشرِينَ منْ شعبانَ سنةَ 1433هـ، المُوافِقِ السَّابعَ عَشَرَ منْ يوليو 2012.

عضويات علمية…

ونال الدكتور أحمد عمر هاشم، عُضويَّةَ كلٍّ منْ: مَجْمَعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ، والمجلسِ الأعلى للشُّئونِ الإسلاميَّةِ، والمجلسِ الأعلى للصَّحابةِ، والمجلسِ الأعلى للثَّقافةِ، والمجلسِ الأعلى للجامعاتِ، ومجلسِ الشَّعبِ، ومجلسِ الشُّورَى.

ثراء للمكتبة الإسلامية…

وقدْ أثرى المكتبةَ الإسلاميَّةَ بكثيرٍ مِنَ المُؤلَّفاتِ، ومنْها: «فيضُ البارِي بشرحِ صحيحِ البُخاري»، «منْ توجيهاتِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، «معالمُ على طريقِ السُّنَّةِ»، «منْ هدْيِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ»، «الشَّفاعةُ في ضَوءِ الكتابِ والسُّنَّةِ والردُّ على مُنكرِيها»، «التَّضامُنُ في مواجهةِ التَّحدِّياتِ»، «الإسلامُ وبناءُ الشَّخصيَّةِ»، «الإسلامُ والشَّبابُ»، «الإسلامُ والأسرةُ»، «قصصُ السُّنَّةِ»، «القرآنُ وليلةُ القدرِ»، «قواعدُ أصولِ الحديثِ»، «المُحدِّثون في مِصرَ والأزهرِ»، «السُّنَّةُ في مُواجهةِ التَّحدِّي».

مؤتمرات وإسهامات…

وشارَكَ “هاشم” في العديدِ مِنَ المُؤتمَراتِ العِلميَّةِ، ومنْها: مُؤتمَرُ السُّنَّةِ والسِّيرةِ بالأزهرِ الشَّريفِ، ومُؤتمَرُ الطِّبِّ الإسلاميِّ بكراتشي بباكستانَ وعُنوانُه «التُّراثُ الطِّبِّيُّ الإسلاميُّ»، ومُؤتمَرُ شُئونِ الدَّعوةِ بالأزهرِ الشَّريفِ، وقَدَّمَ فيه بحثًا عُنوانُه «مكانةُ الحرمَيْنِ الشَّريفَيْنِ»، والمُؤتمَرُ الدُّوليُّ للسُّنَّةِ والسِّيرةِ بإسلام آبادَ بباكستانَ وعُنوانُه «خاتَمُ النَّبيِّين وعقيدةُ خَتْمِ النُّبوَّةِ».

وللدكتور أحمد عمر هاشم برامجُ إذاعيَّةٌ وتليفزيونيَّةٌ شهيرةٌ، ومنْها: «حديثُ الرُّوحِ»، «ندوةٌ للرَّأْيِ»، «أيامُ اللهِ»، «نَجْمٌ لا يغيبُ»، «المُسلِمون يتساءلُون» وغيرُها.

ثمانونَ عامًا، بلْ تزيدُ أربعةً، ولا يزالُ الشَّيخُ خادمًا للعِلْمِ بينَ كتابٍ يُخرجُه، أوْ دَرْسٍ في الجامعِ الأزهرِ أوْ جامعتِه؛ فحفظَ الله الدُّكتور أحمد عمر هاشم، وباركَ في عُمُرِه وعِلمِه، وجزاه عنِ العِلمِ وطُلَّابِه خيرًا.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.