Take a fresh look at your lifestyle.

ياسمين خليل تكتب : وسقط الأسد العجوز

154

 

على مدار حوالى عقدين ونصف من حكم بشار الأسد لسوريا وماتبعته من هزات وتناقضات فى الحكم آلت بسوريا الى ماءالت وويلات الحرب ، منذ بدء محاولات التقسيم وصفقة القرن وما تبعتها من ثورات اندلعت فى معظم البلدان العربية ،  بدءً من تونس مروراً بليبيا وسوريا ومصر وما خلفته تلك من اثاراً فادحة على المستويات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التى غيرت ودفعت بمسار الحراك السياسي وتغيرات فى ملامح الخريطة السياسية العربية على الساحة الاقليمية والدولية.

ولعل مخططات التقسيم والشرذمة التى تبنتها جهات غير معلنة المصادر غربية النهج والمنهج لم تتبنى هذه المخططات فى وقت متاخر من القرن الحالى ولكنها بدات مخطاطتها منذ بدء كتابة “بروتوكولات صهيون” والتى وٌلدت من رحم الماسونية العالمية ومخططاتها لتقسيم وزعزعة واستقرار منطقة الشرق الأوسط .

وعلى مدار عقود متواصلة تسير تلك المخططات فى طريقها المرسوم لها دون ان تفقد بوصلتها اذ تغير مسارها حسب توجهات المرحلة الحالية التى تمر فيها ،ووفقا للتطورات والتغيرات الاجتماعية والنفسية والثقافية والسياسية والاقتصادية للهدف المحدد لها.

فنجد انها لا تتعامل بمبدأ المترادفات ولا المتناقضات ولا المتشابهات ،لكنها تعمل وفق اهدف وأليات وبتوقيات محددة وفق أجندة معدة مسبقا بكل ما فيها من اهداف ومحاور .

وتعد خرائط تقسيم منطقة الشرق الأوسط ” سايكس بيكو” والتى تعود بدايتها الى حوالى مائة عام مضت وتحديدا فى عام 1916 ، حين قررت كلا من بريطانيا وفرنسا تقسيم إرث الدولة العثمانية ” الرجل المريض ” عقب انتهاء الحرب العالمية الاولى لتظهر مؤامرة سايكس بيكو التى ادت الى تغير ملامح دول الهلال الخصيب وظهور دولة الكيان الصهيونى على حساب احتلال الاراضى الفلسطينية .

وبالفعل تغيرت الخريطة السياسية والحدودية من وقتها لعدد من البلدان العربية وفقا لهذه الاتفاقية ” المؤامرة ” والتى اخذت فى الازدياد حتى وصلت الى عام 2011 بداية ” الدمار العربي ” المزعوم فى اسم ” ثورات الربيع العربى ” ذلك الاسم والمخطط الذى اعدته اعدادا جيدا من قبل مستخدمه فيه اساليب ونظم حديثة لتواكب تطورات العصر الحالى

فقد استخدمت هذه المرة ” الأقنعة المتخفية ” خلف والوسائل التكنولوجية وادارتها عبر ما يسمى ” بمخططات حروب الجيل الرابع ” ، حيث ضرب الاهداف المباشرة عبر المنصات الرقمية والإجتماعية وترويج للفكرة التمرد والتحريض على الأنظمة السياسة فى الدولة المراد هدمها واختراقها ، مشتغلة على الاهداف الاجتماعية والنفسية والاقتصادية للفئة المستهدفة حتى يقع الدولة من الداخل وليس من الخارج .

وهذا ما نراه واضحاً جلياً فى ” الثورات العربية ” التى اندلعت عام 2011 واستمرت بعدها فى عدد من الدول العربية حتى سقوط أنظمتها بالكامل وشل حركتها واحلال انظمة جديدة تتعامل وفق أهداف مخططات التقسيم المنشودة .

نجحت تلك المخططات فى بعض الدول وفشلت  فى اخرى ، وكان ذلك حسب درجة الوعى الاستعداد والادراك لهذه المخططات والمخاطر .

وبالعودة لما حدث للنظام السورى نجد ان تلك المخططات قد أخذت واستعملت سياسية ” النفس الطويل ” حتى تحقق هدفها اخيرا فى سقوط نظام الأسد الى الابد

والذى امتد نحو خمسة عقود منذ حكم الأب ” حافظ  الأسد ” حتى وصول الابن ” بشار الاسد ” والذى تولى حكم سوريا منذ سنة 2000 حتى سقط فى نهاية عام 2024 وعلى مدار 24 عاما من حكم الاسد الابن ، عاشت سوريا وعانت من حكم ديمقراطى فى ظاهره فى باطنه ديكاتوري

يقوم على الطائفية والافضلية العلوية على حساب الطبقات الاخرى ، وبهذا النظام كانت بمثابة فتيلة الاشتعال الذى اشعلت سوريا غضبا فكان يامل السوريون بنغير هذا النهج بعد والده املين فيه بروح التجديد كشاب فى وقتها يأتى بالتغيير الحقيقى

لكنه استمر على نهج والده ، بل أدخل سوريا مجددا فى حرب أهلية عام 2011  وحولتها إلى أرض خصبة لتنظيم “داعش” الإرهابي، كما أشعلت حربًا دولية بالوكالة وأزمة لاجئين شهدت نزوح الملايين من ديارهم.

كما بدا أن العديد من المراقبين في أوروبا والولايات المتحدة قد شعروا بالارتياح إزاء الرئيس القادم، الذي قدم نفسه باعتباره زعيمًا شابًا جديدًا قد يبشر بنظام أكثر تقدمية واعتدالًا.

لكن سرعان ما تبخر هذا الحلم عندما سارع الزعيم الجديد إلى الحفاظ على العلاقات التقليدية لبلاده مع الجماعات المسلحة، مثل حماس وحزب الله.

و بدأت هذه  الحرب بعد أن رفض نظام الأسد الرضوخ للاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في ذلك العام خلال الربيع العربي، وشن بدلًا من ذلك حملة قمع وحشية على الحركة السلمية، مما أسفر عن مقتل وسجن الآلاف في الأشهر القليلة الأولى فقط من الاحتجاجات.

فلنتساءل لماذا الان بالتحديد سقط نظام بشار الاسد المتهالك العجوز؟ اليس هناك علامات استفهام وخطوط بين السطور نقراها فى المشهد الراهن الذى يحدث الان فى كلا من فلسطين وبعدها لبنان والان جارتها ” سوريا ”

نعم فالامر جليا وواضحا تماما فالتوقيت محسوب ومناسب ومتماشيا مع أهداف ومخططات ” بروتوكولات صهيون ” وهو السيطرة على منطقة شمال  الشرق الاوسط والتى تضم مصر وسوريا ولبنان والاردن واسرائيل .

فنحن نعى ذلك ولا نغض البصر ولا البصيرة على ما يحدث حولنا ومستعدون تمام الاستعداد لمواجهة ذلك ،فيعمل نتانياهو جاهدا على تحقيق اهداف هذا المشروع ” الصهيوأمريكى ” فى المنطقة

فما يحدث فى القطاع الشمالى فى غزه معد مسبقا وهذه المسرحية الهزيلة التى تحدث الان مخطط لها من قبل ووفق اهدافاً مشتركة .

فاحتلال القطاع الشمالى لغزة وزحزحة الفلسطينين حتى الحدود الجنوبية لمصر واجبار مصر على فتح معبر رفح لتمركز الغزاويون فى سيناء ، حتى تصبح بذلك خطه التقسيم جاهزة فى تقسيم مصر لأربع دويلات ، اهمهم دويلة الجنوب التى تسيطر عليها ” حماس ”  ، فالأمر لا  يسير على نحو عبثى .

فالتحكم في المستقبل أصبح يتم من خلال الإقتصاد والتكنولوجيا ، وهذا يعني أن العوامل السياسية والعقائدية التي كانت تحكم مداخل السياسة الدولية ومخارجها قد أصبحت بلا قيمة أو ذات قيمة ثانوية.

وبكل أسف  لقد وقعت بعض الأنظمة العربية والعديد من المثقفين العرب في فخ الإستخفاف بتدارك تلك المخططات والعمل والاستعداد لمجابهتها وتركت الباب مفتوحا أمام دخول الغرباء الفكر والتوجه داخل مجتمعاتنا العربية من خلال البوابة العالمية للاختراق الأمنى والمجتمعى والثقافى ” ألة الإنترنت ” وبعدت عن التمسك بالهوية العربية واعتبراتها ارثاً قديماً لايصلح للعالم الجديد .

وكما ذكرت فى كتابات سابقة وسأظل أكررها ، الوعى ثم الوعى ثم الوعى.

 

 

 

التعليقات مغلقة.