Take a fresh look at your lifestyle.

محمود حبيش يكتب | اللعنة الروسية على الاقتصاد الأوروبي

78
أوروبا عاقبت نفسها بنفسها عن طريق فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا !
منذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، وشرعت الدول الأوروبية بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بفرض سيل من العقوبات الاقتصادية على موسكو في كافة المجالات ابتداءً من تخريج النظام المالي الروسي من نظام سويفت، وصولاً بحظر الطيران الروسي والمجال الجوي الروسي.
ما غفلت عنه أوروبا أو ما قصد الجانب الأمريكي إخفاءه عن أوروبا إن صح التعبير، هو الحجم الفعلي للاقتصاد الروسي وحجم التعاون المشترك بين روسيا والصين وإيران مما جعل محاولة تركيع الاقتصاد الروسي أشبه بالمستحيلة، حتى يومنا هذا والروبل الروسي محافظ على قوته السوقية بل بالعكس هو العملة الوحيدة التى زادت قيمتها كناتج حرب بل ويسعى بوتين اليوم لربط الروبل بالذهب، ولسنا هنا اليوم لمناقشة مكاسب روسيا من الحرب على أوكرانيا.
نُلاحظ مؤخراً إنخفاض سعر اليورو أمام الدولار لأول مرة في تاريخه منذ ١١ عام، وبجانب النظريات الاقتصادية الأكثر تعقيدًا دعنا نتناول الموضوع بشكل مبسط .. العملة سواء اليورو أو غيره من العملات الأخرى سلعة تباع وتشترى وتحدد سعرها في سوق المال والعملات بناءً على العرض والطلب .. بالأمس القريب كانت روسيا تعتمد على بيع الغاز إلى أوروبا لتحصيل اليورو منهم كعملة صعبة ولبناء احتياطي نقدي واستيراد مستلزماتها من الغذاء ولوازم الحياة من أوروبا حيث ان الطبيعة القاسية في روسيا تجعلها من الصعب ان تزرع الكثير من المحاصيل، فكانت روسيا طالب لليورو من أوروبا مرة ثم تعيده اليها مرة أخرى تستورد منهم.
وبعد تخريج النظام المالي الروسي من النظام العالمي سويفت ووقف الاستيراد والتصدير بين روسيا وأوروبا لم يعد هناك حاجة لليورو كعملة ناهيك عن خسارة حصة التصدير التي كانت مخصصة لروسيا من السوق الأوروبية، ثم يأتي عقاب بوتين لأوروبا بقطع إمدادات الغاز عنها مما يجبر أوروبا على التنازل عن الكثير من الصناعات وتقليل طاقات عمل المصانع لقلة وقود التشغيل والطامة الكبرى ما يدركه الجميع بحلول دخول فصل الشتاء وقلة إمدادات الغاز، هل تدير أوروبا الماكينات والمصانع أم تستخدم الغاز للتدفئة؟.
فبحكم قانون العرض والطلب لم تعد روسيا تريد اليورو كعملة ولا تصدر الغاز إلا بالروبل الروسي كثمن للغاز الروسي، فأصبح اليورو لا فائدة له سوى على أرضه ففقد قيمته السوقية ليرجع إلي قوته الشرائية الفعلية وهى الدولار أو الأدنى من الدولار ببعض سنتات.
النظام العالمي المالي كله متأثر بالعقوبات التي تفرضها روسيا على الغرب وليس العكس ولا سبيل لدى الحكومة المصرية لتفادى وتقليل آثار هذه الأزمة العالمية سوى الاعتماد على الإنتاج والتصنيع واستصلاح الأراضي والوصول الى الاكتفاء الذاتي او حتى الاقتراب منه، بجانب التكاتف مع الدول العربية ودول الجوار وتنمية التجارة والتعاون بيننا وبينهم وتقليل الرسوم على استيراد المواد الغذائية واللحوم الحمراء من دول أفريقيا لتقليل الأثر فى النهاية على كاهل المواطن المصري.

التعليقات مغلقة.