Take a fresh look at your lifestyle.

نهلة أبو العز تكتب: مدرسة النجاح “لم ينج أحد”

542

كُلنا يذكر مشاهد نتيجة الثانوية العامة في الأفلام القديمة، يجلس الجميع بجوار” الراديو ” والمذيع يقول اسم المدرسة ثم يبدأ في تلاوة أرقام الجلوس سريعًا، من سمع رقمه فقد نجا من الإعادة، ومن فات رقمه يعرف أن له مع الثانوية العامة جولة ثانية.

وتمتزج دموع الفرع مع دموع الحزن وأصوات الملاعق في كؤوس الشربات الأحمر مع أصوات الغضب واللوم لمن رسب.. هذا المشهد المحفور في الذاكرة يجلس بجواره مشهد آخر لنتيجة الثانوية الخاصة بك والمجموع الذي يحدد المصير فيما بعد، وكأن شريط الذكريات يأبى أن يقص هذا المشهد لأبي وهو ينتظر النتيجة ويأمل أن أكون من الأوائل وهذا لم يحدث، وكان يواسيني لأنني لم أقدم له النجاح المُبهر، ولكنني كنتُ فخورة بنفسي لأنني لم أحصل على رفاهية الدروس الخصوصية ولا فخامة المدراس الأجنبية وكان نجاحي من “عرق جبيني”.

هذه الصورة النمطية للتعليم وللثانوية العامة وعدنا وزير التعليم الدكتور “طارق شوقي”، أن تتغير لنرى مكانها طالب يحمل التابلت مكان الحقيبة والكتب، ويسير نحو الامتحان بمنتهى الثقة ضامنًا النجاح لأنه اجتهد وبحث في المنصات التعليمية عن كل المعلومات وتعلم كيف يفكر! وهل النظام القديم كان عديم التفكير؟.

“أنا عن نفسي”.. كنتُ أفكر وأجد متعة في البحث عن كتاب على “سور الأزبكية”، أو كتاب في مكتبة “مدبولي”، يعزز ما لدي من معلومات في الفلسفة والمنطق وعلم النفس، لم أشعر يومًا أنني آلة حفظ… – ما علينا – ربما يكون في النظام الجديد ما يتناسب مع العصر والتكنولوجيا المتقدمة والانترنت، وهذا في المُجمل جيد، ولكننا منذ بدأ النظام ونحن نمرر من خلاله كل عام مجموعة لم تفعل شيئًا سوى أنها حملت التابلت وحاولت الدخول للامتحان من خلاله، وفشلت لأن “السيستم واقع”!، فـ بخلاف ما يعانيه الطلبة المجتهدين من عبء دراسة بلا معلم ولا مدرسة ولا انتظام ولا كتب فإنهم يجدون في النهاية من كان يلهو ينجح وكأن الرسالة هي ” النجاح قسمة ونصيب”.

أعلم أن لكل نظام جديد ضحايا ولكن هل لأننا تعجلنا البدء في نظام لم نُعد له جيدًا ولم نؤسس بينة تكنولوجية مناسبة ولم يتم تدريب المدرسين بشكل كافٍ نقبل التضحية بمستقبل دُفعات تخرج من دون استفادة حقيقية؟، وهل كل ما هو مكتوب وورقي عيب وحرام؟، وكيف يعرف الطالب قيمة العلم والعمل وهو لا يذهب لمدرسة ولا يحصل على خبرات من مدرسيه ولا يفعل إلا كل ما يدعون للتوحد مع هذا الجهاز الأصم “التابلت”؟.

قد يختلف معي البعض لأن الشكل العام للنظام الإلكترونى “حلو”، وأنيق ولكنني وللحق أثق في نتائج الثانوية المذاعة عبر الأثير وأثق في فشل كل الدفعة بمدرسة النجاح أكثر من ثقتي في هذا الذي يكافيء الفاشل لأنه فشل مثله.

* نهلة أبوالعز كاتبة وصحفية في الأهرام

التعليقات مغلقة.