Take a fresh look at your lifestyle.

صالح المسعودي يكتب: أهل العريش

128

في البداية دعوني أعترف أنني مهما تغزلت في ( العريش ) عاصمة شمال سيناء ( لمن لا يعرفها ) فلن أوفها حقها ولا حق أهلها الذين ضحوا بالغالي والنفيس وتحملوا ويلات الإحتلال التي تلتها ويلات الإهمال الذي كان سبباً في ويلات فاقت الحروب، ومازلنا نعاني من تبعاتها حتى يومنا هذا، لكني اليوم لن أجتر الأحزان بل سأتركها جانباً لأحكي لكم كم هي جميلة ورقيقة ( أقصد العريش بالطبع ) كما أن أهلها يمتازون بالطيب والكرم على الرغم من شهرتهم الفائقة في ( الشطارة والتصميم على النجاح ) الذي يعتبره البعض شطارة زائدة عن الطبيعي وضربوا على ذلك الكثير من الأمثال، وهي بالتأكيد ليست عيباً بل ميزة كبيرة
حيث كانت العريش ومازالت هي مقصدي الأول عندما يضيق صدري بأحداثي اليومية، فتراني كلما زادت الحمول أجعلها وجهتي فأجد فيها من الأحباب مَن يفرغ نفسه لي ليخفف عن كاهلي بل ويترك ما يهمه إلى ما يهمني فقد منحني الله مجموعة نادرة من جيران القلب قد تعجز كلماتي عن وصفهم لطيب ودهم وصفاء سريرتهم
كانت البداية مع العبقري الفطن الشيخ ( عطية امحمد سليمان ) الشهير ب ( عطية أبو قردود واجهة الأحيوات ومنطقة ( وسط سيناء ) المشرفة ورئيس مجلس محلي المحافظة وعضو مجلس الشورى السابق ذلك الداهية السياسية الذي خاض غمار المنافسة الدائمة من الجميع ليبقى متربعاً على قمة العمل الشعبي فترة ليست بالقصيرة، وقبل الشيخ عطية لم يكن لي معارف بالمعنى الحقيقي داخل مدينة العريش لوجودها بعيداً عن موطني ما لا يقل عن مائة وخمسون كيلومتر، سبقتها مرة وحيدة وكانت بشكل سطحي ( في حينه ) مع المحترم وأحد وجهاء سيناء ( الشيخ علي فريج راشد ) رئيس المجلس الشعبي المحلي للمحافظة السابق وعضو مجلس الشورى السابق أيضاً ورئيس ( الحزب العربي للعدل والمساواة الحالي ) والذي سيأتي ذكره لاحقاً مع الحبيب ( عبدالله فريج ) الأخ الأصغر للمهندس علي فريج
وكما أسلفت فقد كان الشيخ ( عطية أبو قردود ) بدايتي الحقيقة في العريش ( من جهة أهلها أما هي كموطن ومكان فكان دائماً في القلب )، وكان الرجل ومازال شهماً كريماً يحمل عبقرية الصحراء وصفاء سريرة المدن فقد جمع الرجل كليهما في تناغم عجيب، ومن وقت معرفتي به أصبحت المسافة بيني وبين ( العريش ) لا شيء، أي أنني صرت أعتبر ذهابي للعريش أمراً في غاية البساطة مع ما يصادفه من راحة نفسية تهون علي معاناة السفر، فالمسافة التي تقطعها محباً تختلف تماماً عن تلك التي تقطعها مطراً
كان الشيخ ( عطية ) بداية انطلاقتي بين الأحباب على أساس أنه السبب الحقيقي في معرفتي بهم، فكان أول مَن عرفت الشيخ ( محمد السيد سليمان الجغنة ) أو كما يطلقون عليه الآن في وقتنا الحالي ( هدهد سيناء ) ولقد تم إطلاق هذا الاسم عليه لسبب بسيط أنه كان مرشحاً لمجلس النواب ومن بعده مجلس الشورى، وكان رمزه ( الهدهد ) وكان قاب قوسين من النجاح لما له من محبة بين أهل العريش فهو رجل متواضع لأقصى حد وعلى أتم استعداد أن يبقى يومه كاملا بلا طعام أو شراب بين أروقة المصالح الحكومية لينهي طلبات الناس على الأقدام حتى لا يكلف المواطن أن يُحضر له سيارة تقله تماما كما كان يفعل البدري فرغلي في بور سعيد الذي اشتهر بركوبه الدراجة الهوائية وكان قامة وقيمة في بور سعيد أيضاً، وقد كان الشيخ ( الجغنة ) أيضاً رئيساً للمجلس الشعبي المحلي لمركز العريش وأيضاً عضواً لمجلس محلي محافظة شمال سيناء وعلى درجة قرب عالية من الشيخ عطية أبو قردود
كانت دائرة المعارف في المرحلة الأولى محدودة إلى درجة كبيرة اقتصرت على الشيخ عطية والشيخ محمد السيد ومعرفة بسيطة بالمحترم ( سامي شاهين ) والحاج ( سالم الغول ) عليه رحمة الله اللذان رافقاني في رحلة إلى الأقصر فكانا الأقرب إلى النفس ، بعد ذلك اتسعت الدائرة عن طريق الشيخ محمد السيد فكانت معرفتي بأصدقائه مثل الشيخ عبد الكريم بكير والأستاذ عادل بكير اللذان كانا دائماً في استقبالي عند الشيخ محمد السيد الجغنة وكانا نموذجا للاحترام وحسن المقابلة قبل أن تمتد معرفتي للنائب الحالي ( رحمي بكير ) الذي سيأتي ذكره لاحقاً
ثم تتسع الدائرة بتعرفي على القريب من القلب الأستاذ ( مدحت جلبانة ) ذلك الراقي المحترم لأكتشف أنه أخ للواء ( مجدي جلبانة ) الذي كان أحد أهم عناصر الجهاز التنفيذي لمحافظة الإسماعيلية وكان صاحب شخصية محبوبة لتواضعه الشديد مع ذكاء فطري، حتى يشاء الله أن نذهب سوياً أنا والأستاذ ( مدت جلبانة ) في رحلة هي الأروع إلى طابا وما أدراك ما طابا ؟ لنلتقي مع النسخة الأخرى للأستاذ ( مدحت ) وهو الأخ الأكبر الحاج ( عز جلبانة ) ليستقبلنا الرجل بكرم حاتمي ما عهدناه إلا في قليل من الرجال وللحديث بقية.
صالح المسعودي

التعليقات مغلقة.