إسراء عبد الحافظ تكتب: الفقر مرض العصر
الفقر هو مرض معقد وحقيقة توغلت في الكثير من المجتمعات وأشخاص يعيشون تحديات هائلة في ظل انتشار هذا المرض الذي يولد شعور متنامي لقلة الحيلة وعدم القدرة علي التفكير والتخطيط إلي المستقبل بكل إشراقة وعدم القدرة علي الخروج من تفكيرهم المقتصر علي الكفاح اليومي لاستمرار بقائهم فقط بسبب فقرهم وقلة حيلتهم في العيش بحياة أفضل.
فالفقر هو فقر الدخل في عدم توافر القدرة المالية للأفراد للحصول علي تلبية احتياجاتهم ورغباتهم سواء كانت مسكن أو ملبس أو مأكل فالفقر هو مرض العصر الذي ينتج عنه عدة أمراض وخيمة منها تدني الصحة من إرتفاع معدلات الأمراض والأوبئة والوفيات المبكرة وسوء التغذية أو بمعني أدق غياب العدالة الغذائية التي نتجت عن عدم توافر غذاء ملائم لهم أو مناسبا لصحتهم وفي الجانب الآخر يوجد فئات تصرف ببذخ شديد وفئات لاتجد ما تأكله وتعيش حياة بسيطة وأيضا نتج عنه عدم القدرة علي العمل وأيضا عدم القدرة علي التعليم وتنمية المهارات فالفقر كان سببا رئيسيا في ظهور وانتشار العشوائيات حتي أصبحت كارثة قومية فالفقر يتسبب في دمار للإنسانية.
الفقر يجعل الإنسان يعيش في دوامة الحرمان المادي وفقدانه للعيش الآمن طوال حياته ويقضي حياته يوما بعد يوم بدافع القدرة علي البقاء دون أي إمكانيات لتحقيق حياة أفضل فالفقر مرض نتج عن فشل في الأنظمة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية التي لاجدوي لها وليس من صنع الفقراء.
خلال السنوات الماضية قامت الحكومات والمؤسسات الدولية بالتركيز علي فتح أسواق دولية ومحلية من أجل تحقيق وزيادة المنافسة وانطلقت القوة الجديدة للتكنولوجيا المعلوماتية والإتصالات ونتجت العولمة إلي تغيير شكل السياسات وتوزيع القوي والمكاسب فكانت هذه العولمة بالنسبة للبعض ثروات هائلة وفي الجانب الآخر تسببت في عدم المساوة والاستبعاد الإجتماعي وعدم الإنصاف والطمأنينة فنتج عن ذلك شعور فئات كثيرة بالإحباط والخذلان وكان نتاج ذلك زيادة في معدلات البطالة وأيضا قلة توافر فرص العمل لأشخاص آخرين تمكنهم من إخراج طاقاتهم الإبداعية بما يتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم.
فالفقر ليس مشكلة خاصة بالفقراء فقط بل هو أحد التحديات التي تواجه من هو مؤمن بتحقيق الحياة الكريمة والعدالة الإجتماعية والمساواة الحقيقية ولم يتحقق ذلك إلا إذا تحقق الازدهار في الإقتصاد وتحقيق قدرة استهلاكية وانتاجية لكل مواطني العالم وأيضا توسيع الأسواق والنهوض بها لأنها عمود رئيسي في بناء المشروعات بما ينتج عن ذلك تعزيز المنشآت لخلق فرص عمل جديدة .
ونجد أنه في الآونة الأخيرة اهتمام شديد من المؤسسات الدولية والمحلية بالقضاء علي الفقر بجميع أشكاله ووضع خطة ملائمة لتحقيق ذلك والتي كانت من ضمنها خطة مصر في القضاء على الفقر والتي قامت علي عدة ركائز وخطوات هامة تسعي من خلالها إلى تحقيق العدالة الاقتصادية والحماية الإجتماعية للحد من الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي علي الأسر المصرية وأيضا زيادة الدعم النقدي للفرد بصورة شهرية على بطاقة التموين بنسبة زيادة بلغت ٤٠ % وبقيمة بلغت نحو ٨٥ مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة في يونيو ٢٠١٧ وأيضا زيادة قيمة الدعم النقدي لمستحقي برنامج تكافل وكرامة بما يقرب من نحو ٨.٢٥ مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة منذ يونيو ٢٠١٧ وزيادة المعاشات التأمينية بنسبة ١٥% أي مايقرب من ٢٠٠ مليار جنيه من الموازنة المحددة منذ مارس ٢٠١٨.
يضاف إلى ما سبق تنفيذ عدد كبير من برامج الإسكان الاجتماعي والذي يشمل أيضا علي مبادرة تطوير العشوائيات والقضاء عليها والتي استهدفت أن تصبح مصر خالية من العشوائيات الغير آمنة والتي بلغ عددها نحو ٣٥٧ منطقة عشوائية في عام ٢٠٢٠ وأيضا زيادة مخصصات التحويلات النقدية من برنامج تكافل وكرامة وإطلاق عدة مبادرات خاصة بالمشروعات متناهية الصغر والتي من أهدافها تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة المعيلة والفئات الأكثر احتياجا بالإضافة إلي إطلاق المبادرة الرئاسية حياة كريمة من أجل توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجا وتطوير الريف المصري وبدأت في تطوير ١٤٣ قرية خلال السنة الماضية ومازال مشروع تطوير القري قائم حتي يحصل كل مواطن في الريف علي حياة آدمية يستحقها في بيئة مناسبة لإنسانيتهم.
ومن الجدير بالذكر في نهاية هذا التقرير أنه لا بد من العمل علي تحسين الخدمات العامة وخاصة التعليم والصحة والسكن الكريم بما يكفل الحد من الفقر المتعدد الأبعاد وأيضا الحد من النمو السكاني والعمل علي إصلاح المنظومة التعليمية لتجنب تدني المستوي التعليمي والتي لا تلائم متطلبات العمل الحديثة وتبني سياسة الوعي للأسر للحد من خطورة الزيادة السكانية والعمل علي تكثيف الاستثمارات في المحافظات وخاصة محافظات الصعيد وأخيرا وليس آخرا العمل علي توفير الحماية الإجتماعية للفقراء بما يعزز من قدرتهم علي الإلتحاق بسوق العمل.
التعليقات مغلقة.