القاهرة – أنقرة.. لقاءات استكشافية تحت شجرة من الخلافات
تقرير – إبراهيم شعبان
وسط توقعات منخفضة، بأن تسفر المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا خلال جولتها الأولى عن تقدم كبير فارق في العلاقات بين الدولتين.
يرى خبراء، أن مجرد “فتح الأبواب” بين القاهرة وأنقرة حدث سياسي كبير، كما أن البدء من جانب تركيا بإبداء الرغبة في استعادة العلاقات مع مصر، يؤكد ضمنًا وعلنًا أن الأتراك، يقرون بـ”فشل سياستهم” تجاه مصر خلال السنوات الماضية، ورهانهم على جماعة الإخوان المسلمين، وفشلهم طوال 8 سنوات في قراءة المشهد في مصر بشكل حقيقي.
ويشير الخبراء، أن القضايا بين مصر وتركيا ضخمة ومتشعبة، فعلاوة على ملف الإرهابيين وقيادات جماعة الاخوان الهاربين في تركيا، فإن هناك ملفات شائكة مع أنقرة في كل من ليبيا وشرق المتوسط، وغيرها من الملفات التي من المؤكد ستأخذ “نقاشات موسعة”.
وكانت قد أعلنت وزارة الخارجية، عقد مشاورات سياسية بين مصر وتركيا، برئاسة السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية المصري، والسفير سادات أونال نائب وزير الخارجية التركي، في الفترة من 5 إلى 6 مايو الجاري في القاهرة.
وتوقع خبراء، أن تركز المناقشات بين البلدين على الموضوعات الإقليمية والدولية، وأبرزها ملف غاز شرق المتوسط وإمكانية ترسيم الحدود البحرية، والملف الليبي، وكذلك التنسيق الأمني فيما يتعلق بملف تواجد عناصر تنظيم الإخوان على الأراضي التركية، والمطالب المصرية بتسليمهم.
واستبعد الخبراء – وفق سكاي نيوز عربية- إمكانية حدوث “توافق استراتيجي” بين البلدين، فيما أكدوا أن المناقشات ستفضي إلى تنسيق على المستويين الدولي والإقليمي وترتيب الإجراءات الخاصة بتسليم قيادات التنظيم المطلوبين لدى القضاء المصري من المقيمين على الأراضي التركية.
وقالت الخارجية، في بيان رسمي إن ما وصفته بـ “المناقشات الاستكشافية”، سوف تركز على الخطوات الضرورية التي قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلديّن على الصعيد الثنائي وفي السياق الإقليمي.
ولفت الخبير في الشأن التركي، كرم سعيد، إلى ملفي غاز المتوسط والتدخل التركي على الأراضي الليبية باعتبارهما أولوية على جدول المناقشات بين القاهرة وأنقرة، بالإضافة للمناقشات بشأن ملف الإخوان، وكذلك مسألة التواجد التركي في مناطق ذات نفوذ مصري مثل غرب إفريقيا.
وشدد سعيد، أن المصالح المشتركة بين البلدين ستكون المحور الأول في التفاهم خلال المناقشات التي تجري في القاهرة، مشيراً إلى أنه في ضوء الأولويات بين الجانبين يمكن فهم الخطوة التركية بسحب مئات المرتزقة التابعين لها من ليبيا مؤخرا.
وأكد سعيد، وفق سكاي نيوز عربية”، أن تركيا ستقوم حتما بترحيل العناصر التنظيمية المتورطة في تنفيذ عمليات إرهابية، أو من صدر ضدهم أحكام قضائية في مصر، حيث يرتبط ترحيل عناصر الجماعة باتفاقيات أمنية، ويلزمه اتفاقات مشتركة لتسليم المطلوبين، مشيرًا إلى أن ذلك سوف يتم من خلال تنسيق مشترك.
ونوه سعيد، على أن رؤية القاهرة واضحة فيما يتعلق بالمناقشات مع الجانب التركي، وتستند إلى 3 محاور رئيسية فيما يتعلق بملف الإخوان: الأول، هو إغلاق المنصات الإعلامية المعادية التي تعمل على تأليب الرأي العام ضد الدولة المصرية، والثاني يقضى بتسليم المطلوبين من المتورطين في تنفيذ عمليات إرهابية ومطلوبين للعدالة، والثالث منع توظيف هذه الأذرع في إثارة الأمن القومي المصري.
من جانبه أكد مدير السياسات بمركز الإنذار المبكر للدراسات، أحمد الباز، إن تركيا قدمت مسبقًا عدة خطوات لإثبات حسن النوايا، خاصة فيما يتعلق بملف “الإعلام الإخواني”، مشيرًا إلى أن مصر لم تكن لتقبل بهذه الزيارة دون أن تحصل من تركيا على إثبات “حسن نوايا” على حد قوله.
ورجح الباز: أن تكون تسمية سفير تركي حاضرة على جدول الأعمال، وذلك بالإشارة إلى أن مساعي التودد التركي وتعزيز الارتباط بمصر سوف يحتاج إلى سفير، عوضاً عن أن تعيين سفير يعني، بين ما يعني، إثبات حسن نوايا بشكل مرحلي.
في السياق ذاته، قالت “مصادر”: إن ملف ليبيا موجود على رأس المحادثات، مشيرة إلى أن هناك تمسكا مصريا بضرورة انسحاب القوات الأجنبية والتركية من ليبيا.
كما قدمت القاهرة للمسؤولين الأتراك ملفا بأبرز المطالب المصرية العالقة، مطالبة بجدول زمني لحلها. وذكرت أن تركيا لديها تطلع بأن تلعب مصر دورا في ملف شرق المتوسط بهدف تقريب وجهات النظر.
وأكدت المصادر، أنه لن يتم اتخاذ أي قرار في الجلسات التشاورية الأولى، حيث إن القاهرة تنتظر تقديم بوادر حسن النية لبناء الثقة.
وعلق السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن أبرز محاور المناقشات تشمل ملف غاز شرق المتوسط وإمكانية ترسيم الحدود البحرية، بالإضافة إلى الملف الليبي وأهمية إخراج المرتزقة والميليشيات من هناك، والتنسيق الأمني فيما يتعلق بتواجد عناصر تنظيم “الإخوان” في تركيا.
من جهتها، ذكرت صحيفة “زمان” التركية المعارضة نقلا عن مصادر مطلعة: إن الاجتماع بين الوفدين المصري والتركي ربما يشمل مطالبة مصر للجانب التركي بتسليم عدد من قيادات “الإخوان” المدانين بالفعل في قضايا إرهاب وعلى رأسهم يحيى موسى المتهم بالتخطيط لعملية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات قبل 4 سنوات، وسحب المرتزقة من ليبيا وقضية غاز شرق المتوسط، إلى جانب تطوير ما يعرف بـ”الآليات اللازمة” اقتصاديا وأمنيا ودبلوماسيا لمناقشة القضايا محل الخلاف بين البلدين.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن زيارة أونال: التي تعتبر أول زيارة لوفد رسمي تركي للقاهرة منذ العام 2013، “لن تكون بالأهمية أو المستوى الذي تتصوره تركيا وتسوق له”، لأنها مجرد زيارة تنسيقية للقاء أهم بين رئيسي جهاز المخابرات التركية والمصرية التي ستضع النقاط على الحروف فيما يخص نقاشات التنسيق الأمني والقضايا المشتركة.
وفي وقت سابق، أعرب وزير التجارة التركي محمد موش عن رغبة بلاده في تحسين العلاقات التجارية والاقتصادية مع مصر، توازيا مع العلاقات الدبلوماسية، فيما أكدت المصادر أن حزمة اقتصادية ضمن أولويات الجانب التركي، من ضمنها مدينة صناعية تركية متكاملة في مصر.
والخلاصة.. من استشراف المباحثات الحالية، فإن تركيا تعلق آمالا كبيرة، بينما مصر ترى عقبات لاتزال ضخمة تعترى تطبيع العلاقات بشكل كامل. كما أن تركيا لم تأخذ سوى بادرة واحدة لحسن النوايا، وهى وقف المنصات الاعلامية المسيئة لمصر والنظام المصري، والتي يعتليها قيادات الاخوان منذ سنوات. لكن لا تزال هناك مطالب أكبر.
التعليقات مغلقة.