Take a fresh look at your lifestyle.

الشيخ حسام مخلوف يكتب: أسباب العتق من النار في رمضان

206
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله .وبعد،
إن الله تعالى بفضله وكرمه ورحمته جعل لنا شهر رمضان كل عام فرصة العتق من النار ، فلذلك يجب على كل مسلم أن يتشبث بالفرصة ولا يتنازل عنها ويأخذ بأسبابها ،
وقد دلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعمال إذا قمنا بها كانت سببًا لعتق رقابنا من النَّار ، وقد جمعت لك منها عشرة أسباب، لتأخذ بها ، وتحاول القيام بها جميعًا ، ضعها نصب عينيك ، حاول أنْ تجعل منها برنامجًا يوميًا ، ومشروعًا إيمانيًا ،وتقول لنفسك: إنَّ أرباحه لا نظير لها ، ولا مثيل لضخامتها ، إنَّه ” العتق من النار “
قال تعالى :(( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)) آل عمران : 185
فهذه أسباب العتق ، وقد بقي منك العمل ، فلا تفتر فإنَّها أعظم جائزة وأفضل غنيمة .
فمن هذه الأسباب:-
أولا: الإخلاص لله تعالى في الإيمان والعمل من صلاة وصيام وسائر الأعمال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلَّا الله، يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ الله، إِلَّا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ)). صحيح البخاري.
فإخلاصُك سبب للعتق من النار، كذا الإخلاص في الصيام والقيام يضمن لك المغفرة من الذنوب؛ فمن الأحاديث المشتهرة عن رمضان، قول النبي صلى الله عليه وسلّم: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))
وما نتيجة ذلك إلا دخول الجنة والعتق من النيران. ((الصيام جنّة )) كما ثبت في الحديث، أي: وقاية للعبد من النّار وعذابها لأن الصيام يتميز عن العبادات أنه سر بين العبد وربه وهذا هو عين الإخلاص .
 
ثانيًا: الحافظ على الصلوات الخمس جماعةً في المسجد مع الإمام: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاق ))
فحافِظ على صلواتك في أوقاتها تفوز بالعتق من النار بفضل الله تعالى .
 
ثالثًا: البكاء من خشية الله؛ ففي الحديث الصحيح كما عند الترمذي من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله )).
كما أن الذي تدمع عيناه من خشية ربه في السـرّ – أكثر من العلانية- هو أحد هؤلاء السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظلّ إلا ظلّه؛ ففي الحديث عند البخاري وغيره من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: …. وعدّ منهم: وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ))… فابْك من خشية ربك خاليًا، وإن لم تستطع أن تبكي فتباك ؛ فالبكاء دواء لأمراضنا، والبكاء الوحيد الذي تُرفع به الدرجة أن يكون بين يدي المولى الكريم. إنه بكاء إيجابيّ يدعو للعمل وليس للخوف والكسل.
 
رابعًا: الحرص على طاعة الله ورسوله فيما أمر ونهى ، قال تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } الأحزاب: 71
فهذا هو الفوز الحقيقي، وفي كتاب ربنا الرحمن الرحيم: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
النساء: 13
واحذر فى رمضان وغيره من معصية الله تعالى ورسوله ، قال تعالى: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } النساء: 14
 
خامسًا: الدعاء واللجوء إلى الله والإلحاح بطلب العتق من النار: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله : (( مَنْ سَأَلَ الله الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتْ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتْ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ )).
سنن ابن ماجه وهو حديث صحيح.
فقل: اللهم أَجِرْنِي من النار ، سبع مرات بالمفرد ،أو سبعٍ أخرى بالجمع : اللهم أَجِرْنا من النار .
وقد وردت آية الدعاء وسط الحديث عن شهر رمضان، قال تعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
البقرة: 186
فاسأل ولا تستكثر ولا تمل ولا تستعجل الإجابة، فلا ينقص شيء من ملكه سبحانه ولو أعطى كل عباده ما يطلبونه ؛ففي الحديث:
(( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ..))
أخرجه مسلم.
وعند كل إفطار دعوة مستجابة.. فلا تنس الدعاء واللجوء إلى الله بطلب العتق وأن يمنّ عليك ببلوغ ليلة القدر.
 
سَادِساً: كثرة قضاء حوائج الناس حسب المستطاع لديك من أعظم أسباب العتق من النار .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مُسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضى عنه دِيْناً أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشى مع أخ لي في حاجةٍ أحبُّ إلىّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً ))
– يريد مسجد المدينة –
أخرجه الطبراني وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.
• لأن قضاء حوائج الناس وبذل
 
حسام مخلوف قام بالإرسال اليوم، الساعة 2:07 م
المعروف لهم سبب لحسن الخاتمة: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(( صنائع المعروف تقى مصارع السوء والآفات والمهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ))
صححه الألباني في صحيح الجامع.
فاحتسب خطواتك عند الله من إغاثة ملهوف ونُصرة مظلوم، وتقديم الخدمات و المساعدات الإنسانية تفز بالعتق من النار بفضل الله تعالى .
 
سَابِعاً: الدفاع عن عِرض المسلم في غيبته: فقد ورد من حديث الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ، كَانَ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّارِ )) فالحذر الحذر من مجالس الغيبة، وليحذر كل واحد منا من أن يقع في أعراض الآخرين.
 
ثَامِناً: اعف عن الناس ليعفو الله عنك، وتجاوز عن العباد ليتجاوز عنك ربّ العباد؛ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولعل قصّة الرجل الذي كان يتجاوز عن المعسرين تكشف لنا كم هو عظيم عفو الله عن العافين، وتجاوزه عن المتجاوِزين؛ ففي الحديث -كما عند البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم- عنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ، وَكَانَ مُوسِرًا، فَكَانَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ ))، قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، تَجَاوَزُوا عَنْهُ)).
 
تَاسِعًا: الحرص على القيام في العشر الأواخر؛ وتحري ليلة القدر؛ ففيها العتق أكثر، وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تسأل النبي الحبيب عن دعاء تستقبل به ليالي العفو، فورد في السُّنّة عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: (( قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي )). فاستعن بالله وتجهّز للعشر الأواخر بطلب العفو وتحري القيام فيها.
عاشراً : المحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعده.
قال صلى الله عليه وسلم :(( من يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرَّمه الله على النار )) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه الألباني (584) في صحيح الترغيب.
•وأخيراً وليس
آخرًا أسأل الله تعالى أن يعفو عنا جميعا، وأن يكتبنا من عتقائه من النار ومن المقبولين ..
– الشيخ حسام السيد مخلوف إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف.

التعليقات مغلقة.