Take a fresh look at your lifestyle.

النرجس .. قصة قصيرة بقلم الدكتور إياد درويش

184

أشتد به الظمأ، الشمس قاسية وكلما رفع رأسه ينقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير، حدق بعيدا فإذا به يجد جنة ظليلة يتوسطها غدير، طوق نجاة، بل سفينة ضخمة تنتشله من أحضان العطش بعد مسيرة أيام بلا ماء، مياة جارية ومروجا خضراء، جلس علي حافة النهر، وشرب حتي أرتوي، ثم فجأة لمح وجها بشريا في غاية الجمال، كانت المياة صافية وكانت صفحتها ساكنة، كمرآة مصقولة.

تحجرت مقلتاه وظل يحملق في العينين الجميلتين تحت الماء، لاحظ أنهما ايضاً تحملقان في عينيه. فغادر المكان عائداً الى بيته وهو يشعر بوجد لا يعرف كنهه.

لم يذق طعم النوم في تلك الليلة، غادر فراشه مبكراً على غير عادته، ذهب الى الغدير وأطل بوجهه الجميل على صفحة الماء فرأى الوجه الجميل يطل عليه مرة اخرى.

إنسحب الى الوراء قليلاً وتراجع الوجه تحت الماء في نفس الإتجاه، لوّح بيده الجميلة ورأى تحت الماء يداً تلوح له. أقبل الليل وظلّ ساهراً لا يفارق الوجه الجميل خياله. وبقي يتردد على الغدير في الليل والنهار يمد يده محاولاً أن يمسك بها لكن صفحة الماء كانت تهتز لتختفي الحسناء.

ضاقت به الدنيا وتملكه اليأس وأحس أنها لا تبادله الحب بل تهرب منه ليتحول الى عاشق منبوذ. نبي أنكره أهله، عيسي ينادي الياعازر ليقم بعد أن ولي زمن المعجزات، لم يستطع أن يغادر حافة الغدير حتى ذبل عوده وذوى جماله وأصبح ذليلاً لا تعرف الإبتسامة طريقها الى شفتيه حتى قضى عليه الحزن وفارق الحياة.

خلدته الأسطورة وإعادته الآلهة للحياة ولكن ليس في جسد بشري هذه المرة ولكن في هيئة زهرة حزينة تنمو علي ضفاف البحيرات والغدران، أسماها العامة النرجس ونحن نسميها عاشق الذات.

التعليقات مغلقة.