صالح المسعودي يكتب: فرعوني كافر وفرعوني مسلم
جلست صامتاً وقتا طويلا بعد كتابتي عنوان المقال ، كان عندي نوع من ( الدهشة ) ألا إرادية بعدما صُدمت بعنوان لجريدة معروفة مفاده ( أن الفراعنة قد صاموا ثلاثين يوما وعرفوا ليلة القدر بل هم مَن ابتدعوا كلمة ( وحوي ) ، للأمانة كدت أخرج حتى عن شخصيتي وتقاليدي التي أنتهجها بحسن السرد ورحابة الصدر، قلت في نفسي ( هل هذا معقولا) هل لمجرد أننا اختلفنا في الآراء أصبحنا نُلبس الأمور لباس الباطل ونخرجها عن سياقها الطبيعي ؟ أي عقل هذا الذي يخرج بصاحبه إلى طريق اللا عودة.
ولتوضيح هذا اللغط يجب أن نذكر أسبابه، وتبدأ القصة عندما تم الاحتفال بنقل ( المومياوات الملكية الفرعونية ) ، وكان احتفالا مبهراً بكل المقاييس كان له صدى عالمي أضاف إلى مصر ولم ينقص منها ، لكن وما أدراك ما لكن فقد أثر هذا النجاح الظاهر للجميع على نفسية مَن لا يريد أي طفرة تظهر في عهد ( الرئيس السيسي ) فتركوا ( السيسي ) وتحولوا للوتر الديني وفجأة . أصبح الفراعنة ( كفارا ) وهو هدف قد يُقرأ على أنه هدفا خبيثا ( لكني كما عودتكم لن أحكم على ضمائر الناس ) على الرغم من وضوح الرؤيا وضوح الشمس في كبد السماء.
واسمحوا لي أن أذكركم فقط بأن ( مصر ) فُتحت في عهد الخليفة ( العادل عمر بن الخطاب) خير من أنجبت الأمهات بعد نبينا والأنبياء عامة وسيدنا أبا بكر الصديق ، ونعلم تماماً مدى قوة ( عمر رضوان الله عليه ) في الحق وكيف أن القرآن نزل أكثر من مرة تأييدا لكلام ( ابن الخطاب عليه رضوان الله ) ،وأقصد من هذا أن لو تلك الأثار كانت مدعاة للكفر أو للعبادة من دون الله ما توانى ( عمر رضي الله عنه ) أو عماله على مصر من تحطيمها ، لكنها بقيت شامخة ودليلا فريداً على عراقة هذا الوطن وأهله.
وأذكركم بأن القرآن قد أورد من الفراعنة من هم على دين التوحيد ألا تذكرون ( آسيا امرأة فرعون ) التي كرمها الله ( سبحانه وتعالى ) وضرب بها مثلاً مع ( مريم ابنة عمران رضوان الله عليهما ) ؟، أم أذكركم ( بماشطة ابنة فرعون المؤمنة ) ، ألم يكن سحرة فرعون خير مثال للإيمان الخالص رغم العذاب الشديد الذي تعرضوا له ؟، أم اذكركم بالرجل الذي هو من آل فرعون وهو مؤمن في قول الله تعالى (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ )؛ فيا إخوتي الكرام ( العهد الفرعوني) عهد كأي عهد فيه الصالح وفيه الطالح ، فيه المؤمن وفيه الكافر فلم يكونوا أبداً على الكفر قاطبة وإلا ما ذكر الله سبحانه منهم مؤمنون وعظمهم في كتابه ( ولا يجب أن ننسى أن المصري القديم كان يؤمن بالبعث لهذا كان يتم دفن ( متعلقاته ) معه حتى إذا قام من مرقده وجد متاعه الذي يعينه على الحياة من جديد عنده.
ما سبق كان ردي على من أراد أن يخرج الموضوع عن مساره الطبيعي لمرض في نفسه ، أما النقيض أن أرى من القوم مَن يخلع ( برقع الحياء ) لمجرد الرد على مَن قال ما سبق متخذاً من وتر الدين أيضاً سبيلا للضحك على صغار العقول والجهلاء ، فيفاجئنا ذاك المستنير أن الفراعنة مسلمون وكانوا يصومون صومنا ويعرفون ليلة القدر ( التي نزل فيها القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في ردٍ صادم لكل مَن قرأه.
ألهذه الدرجة أصبح المواطن البسيط مثل الكرة التي ( يتقاذفها ) هذا وذاك ، ألا يستحي هؤلاء حتى من سخرية من يتابع إعلامنا ( الفاشل ) ؟ ، فهناك يا سيدي ألف طريقة للرد بالبراهين على مَن أضمر في نفسه السوء وأراد أن يتلاعب بثوابت الدين حتى يحصل على سبق سياسي حتى لو ( هرف فيما لا يعرف ) ، أما مَن رد عليه فقد ( زاد الطين بلة ) وغاص معه في قاع الفشل فظهرا للقاصي والداني على أنهما ( حاقد وكذاب ) استقيموا يرحمكم الله.
التعليقات مغلقة.