إبراهيم شعبان يكتب: كمال الجنزوري.. رحيل سياسي مهيب عشقه الفقراء
كان رحيل د. كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الأسبق، مدويًا يليق برجل أفنى عمره في خدمة الوطن. وكان مخلصا في توجهاته. بحيث وصلت إلى الطبقة الدنيا في المجتمع، فأحس بوقعها محدودي الدخل والفقراء والموظفين في عهده. ولذلك حقق الجنزوري شعبية طاغية طوال السنوات التي تولى فيها رئاسة الحكومة.
فقد كان الجنزوري، رحمه الله سياسيا واقتصاديًا من طراز رفيع، عرف حاجات هذا البلد وتطلعاته، وسار قدر طاقته واستطاع الانجاز بمشاريع وخطوات و”خطط خمسية” حفظت اسمه في حياته وبعد مماته.
ولقد كرمه الرئيس السيسى، كدأبه دائمًا مع أبناء مصر الذين أدوا أدوارًا وطنية مشهودة، فتقدم جنازته العسكرية، وودعه الوداع الذى يليق باسمه رحمه الله.
وكتب في حقه على صفحته الشخصية على “فيس بوك”،: فقدت مصر رجل دولة من طراز فريد، هو الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق. وأضاف: كان الراحل بارًا بمصر، وفيًا لترابها وأهلها، وصاحب يدٍ بيضاء في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية، وكانت له مكانته العلمية، ورؤيته الحكيمة، وقدراته القيادية المتميزة والناجحة، فضلًا عن أخلاقه الرفيعة العالية، وتفانيه وصدقه وإخلاصه في مراحل مصيرية وحاسمة من تاريخ هذا الوطن.
وهى كلمات من ذهب استحقها عن جدارة الدكتور الراحل كمال الجنزوري.
والكتابة عن الجنزري رحمه الله، هى استعادة من جديد لمعارك خاضها الجنزوري، من أجل الوطن ومن أجل الفقراء الذين شعروا دوما أنه كانه في صفهم وان القرارات التي كانت تصدر أنذاك من مجلس الوزراء الذي يقوده الجنزوري، تصب في صالح الناس وفي صالح محدودي الدخل وهم السواد الأعظم من تراب هذا البلد.
هو ابن محافظة المنوفية، الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين، فقد كلفه المجلس العسكري، بتشكيل الحكومة في 25 نوفمبر 2011، وكان قد تولى رئاسة الوزارة قبل ذلك بالفترة من 4 يناير 1996 إلى 5 أكتوبر 1999.
هو صاحب فكرة الخطة العشرينية التي بدأت في 1983 وانتهت عام 2003، حيث دخلت مصر بعد ثلاث خطط خمسية، مرحلة الانطلاق الاقتصادي انذاك، لُقب خلال حياته، بلقب “وزير الفقراء”، لما ظهر منه وقت رئاسته الحكومة، وعمله الذي اختص برعاية محدودي الدخل.
ينسب له في عهده، وخلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، البدء في عدة مشاريع ضخمة بهدف تسيير عجلة الإنتاج والزراعة، والتوسع بعيداً عن منطقة وادي النيل من ضمنها، مشروع مفيض توشكى، جنوب مصر، وشرق العوينات، وتوصيل المياه إلى سيناء عبر ترعة السلام، ومشروع غرب خليج السويس، بالإضافة إلى الخط الثاني لمترو الأنفاق بين شبرا الخيمة والمنيب بمحافظة الجيزة للقضاء على الزحام في العاصمة.
وخلال فترة حكومته الأولى، صدرت قوانين جريئة من حكومته، مثل قانون الإيجار الجديد، وقد حل مشاكل مزمنة، واستطاع تحسين علاقة مصر بمؤسسات دولية كبيرة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وفوق هذا وذاك، كان طاهر اليد، عفيفًا خصما قويا للفساد والشللية.
وعندما جاء لرأس الوزارة مرة ثانية نوفمبر 2011، فإنه استطاع خلال شهور قليلة، ان يضبط من موقعه آداء الدولة المصرية، ويتصدى للفوضى.
وكتب د. مصطفى الفقى في مقالة أخيرة عنه، إنه يرجع إليه الفضل فى جمع شتات الأمن المصرى وجهاز الشرطة بعد 25 يناير 2011، وبمعاونة وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم يوسف.
ولم تكن رئاسة الجنزوري، للحكومة المصرية مرتين خلال عهد الرئيس الأسبق مبارك، هى كل المناصب التي تولاها ولكنه تولى منصب وزير التخطيط القومي، ومحافظا لبني سويف ومحافظا للوادي الجديد ومنصب نائب رئيس الوزراء، ومنصب مستشار رئيس الجمهورية السابق، عدلي منصور للشئون الاقتصادية يوليو 2013.
وفي كل الأماكن التي شغلها الجنزوري، كان رحمه الله محط اجماع شعبي.
لكني أذكر بعد خروجه من الوزارة الأولى عام 1999، أن شنت عليه حملة إعلامية ضخمة تصدرتها أقلام عدة لا تزال موجودة، وألفت كتب، وبدأوا يهيلون التراب على كمال الجنزوري وفترة حكومته بالخطأ والتضليل. لأنه تبين فيما بعد أن فكر كمال الجنزوري، وتوجهاته بمشاريع ضخمة وغير مألوفة آنذاك قبل 25 عاما، هو الفكر الصحيح. وإنه كان سابقا لعصره، فمصر لن تبقى أسيرة الوادي والدلتا، ولذلك لم يكن مشروع توشكى خطأ وكذلك شرق العوينات ولا الاتجاه في مشروع غرب خليج السويس.
ومن خلال فترتي رئاسته للحكومة، كانت القرارات الإدارية وما يخص جموع الموظفين، واحدة مما خلقت له شعبية طاغية، في صفوف من كانوا موجودين ولا يزالون بالجهاز الإداري للدولة ويعرفون تمامًا حجم وآثار القرارات العظيمة التي اتخذها الجنزوري لصالح الموظفين.
رحم الله كمال الجنزوري، وتكفيه دعوات الخلق حيًا وميتًا جزاء أعماله الوطنية المخلصة لجموع هذا الشعب.
التعليقات مغلقة.