Take a fresh look at your lifestyle.

نهلة أبو العز تكتب: شكرا “إيفر جرين”

107

نحتاج كل فترة من الزمن لموقف يوحدنا على حب هذا الوطن، موقف يجعلنا نعرف غلاوته في قلوبنا، منذ أن وقفت السفينة “إيفر جرين”، وأبت أن تتحرك من مكانها معلنة في غضب عن رغبتها العارمة في كشف حقيقة المصريين.

 

نعم، الحقيقة مخفية تحت غبار الحياة الطاحنة، تجعلنا نغضب، نعترض، نشعر اننا نستحق افضل من هذا، وكل هذه المشاعر لا غبار عليها فهي احتياجات انسانية، مصر صاحبة الحضارة القديمة التي تبهر العالم حتى الآن، مصر صاحبة الأرض والعشرة الطيبة، مصر صاحبة الوحدة والتماسك والكلمة الواحدة لحظة الضيق، تخرج مثل مارد من قُمم قديم لتأكل اعدائها وتشعل النار على جثثهم.

 

أيام قليلة على تعطل “إيفر جرين” في ممر حفره المصريين بعرقهم وأرواحهم حيث شارك في حفر القناة ما يقرب من مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر.

 

وتم افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة، وفي عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والذي تسبب في إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.

 

تسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى قام الرئيس السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975، بعد فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل ووقف إطلاق النار ضمن أحداث حرب أكتوبر.

 

وشهدت القناة بعد ذلك عدة مشاريع لتوسيع مجراها وتقليل وقت عبورها بدأت عام 1980 وكان آخرها في 6 أغسطس 2015 مع افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.

 

تعد قناة السويس إحدى أهم المجاري البحرية في العالم، حيث ويمر عبر القناة ما بين 8% إلى 12% من حجم التجارة العالمية.

 

جعلتنا الأيام الماضية نشعر بالاختناق، كلنا كان بداخلنا رغبة في الذهاب لزحزحة السفينة من مكانها وتسير حركة مرور السفن، أقول كلنا، وأقصدها لانني لا احسب تلك الفئة الضالة التي حددت موقفها من الوطن بأنه سكن يمكن تغيره، هؤلاء يقفون دوما موقف الشامت من مشاكلنا والسعيد بهمومنا.

 

كم كانت أيامًا ثقيلة على صدورنا، طويلة ومظلمة، شعرنا كلنا تجاه هذه السفينة الضخمة بالامتنان لأنها كشفت لنا عن محبة هذه الأرض الطيبة. وليس معنى غضبنا وشعورنا بأننا نستحق أفضل من ذلك إلا أننا نستحق الأفضل فعلا وعلينا أن نسير نحوه، مصر أكبر من ظنون البعض، مصر أكبر من الأقزام.

 

  • نهلة أبو العز أديبة وصحفية في الأهرام
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.