الكاتب الصحفي علي هاشم
من واقع خبرتي بالعمل النقابي سكرتيرًا عامًا لنقابة الصحفيين لفترة ليس بالقصيرة، أرى أن التفاضل بين مرشح وآخر، سواء على مقعد النقيب أو عضوية المجلس، ليس بالمتاجرة بملف الحريات والحقوق، فليس هناك صحفي يرضى بغير الحرية لمهنته ونقابته بديلًا..
وإنما يكون التفاضل فيما يستطيع أن يوفره هذا المرشح نقيبا للصحفيين، أو لعضوية مجلس النقابة من خدمات ومزايا للجماعة الصحفية، بحسبان العمل النقابي هو في الأصل عمل تطوعي خدمي يسعى القائمون عليه لتقديم أكبر مزايا ومكاسب لأعضاء النقابة؛ أي نقابة.
ولا عجب والحال هكذا أن يكون الأحق بعضوية المجلس أو بمقعد النقيب هو من يملك القدرة على جلب مزايا جديدة للصحفيين من الدولة كما كان عليه الحال زمان، كأن يحصل على تخفيضات حقيقية على خدمات الإنترنت التي زادت كلفتها وأسعارها بصورة غير مسبوقة وبمقدار يفوق قدرات السواد الأعظم من الصحفيين الذين لا يمكنهم الاستغناء عن النت ولو بضع ساعات؛ فذلك ألصق بمهنتهم بل هو أهم مقومات مهنة الصحافة لا سيما الإلكترونية في عصر السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعي فائق التطور.
أرجو لو أن المرشح نقيبًا للصحفيين أو لعضوية مجلس النقابة يراجع ما كانت عليه النقابة زمان من مزايا لم تكن تمنح إلا للصحفيين فقط بحكم عملهم ومهنتهم؛ لكنها للأسف ذهبت أدراج الرياح؛ فالصحفي زمان كان يمكنه الحصول على خفض لتذكرة المترو أو القطار أو حتى وسائل النقل العام وتذاكر الطيران، وتخفيضات في شراء كتب الهيئة العامة للكتاب، واشتراكات الأندية، ناهيك عن تخصيص وحدات سكنية وأراضٍ من الدولة وغيرها من المزايا التي لم تعد موجودة..
ومن ثم فإن من يملك القدرة على استعادة تلك المزايا هو الأحق بأصوات الصحفيين ودعم جمعيتهم العمومية!
وليس عيبًا أن يسعى هذا المرشح أو ذاك لزيادة بدل التكنولوجيا زيادة معقولة تتناسب مع الزيادة الهائلة في الأسعار؛ فهذا البدل فوق أنه حق قانوني لصيق بالصحفي متى انقطع لممارسة المهنة وتفرغ لها تماما..
فهو عصب الحياة لكثير من الصحفيين في زمن تدهورت فيه دخولهم بصورة كبيرة نتيجة أسباب كثيرة أهمها غلاء مستلزمات الطباعة من ورق وأحبار وصيانة ماكينات وغيرها، وفي المقابل تراجع الإعلانات بصورة كبيرة في ظل منافسة شرسة مع مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات وغيرها من الوسائط والوسائل المنافسة.
حرية الصحافة والحق في التعبير عن الرأي من الثوابت التي لا غني عنها للمهنة، وتوفيرها وصونها مكفول بحكم الدستور والقانون بنصوص ملزمة للدولة، ولا يحق التفريط أو التهاون فيها بحال، لكنها لا يصح أن تكون بابًا للمزايدة والتفاضل بين مرشح نقابي وآخر.. بل المفاضلة الحقيقية فيما يستطيع المرشح أن يوفره لزملائه من خدمات ومزايا مستدامة تعيد للصحفي مكانته وللمهنة ريادتها وعراقتها بحسبانها صاحبة الجلالة.
وفي النهاية أقول لكل زميل لا تنخدع بعبارات براقة عفا عليها الزمن.. واختر من يقدر علي خدمة الزملاء وتحسين مستواهم المعيشي وهذا هو أهم ضمانات اسقلاليته وحريته. أختر من يقضي علي عشوائية القبول بالنقابة لكل من هب ودب.. وضبط جدول القيد.. وتغيير قانون النقابة غير الدستوري، وأحقية أصحاب المعاشات في الإنتخابات.. ومساواتهم في بدل التكنولوجيا.. وتحسين مشروع العلاج لخدمة كل أبناء المهنة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.