بقلم – هبة حرب
- خرج سيد البيت الأبيض مرات عديدة، مؤكداً على عزمه تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر و الأردن، أو إلي أي موضع في الكرة الأرضية بـ إستثناء وطنهم فلسطين، و لا يخفي على أحد المأرب من وراء ذلك، وهو إخلاء الأرض لصالح الكيان المحتل و المصالح الأمريكية في المنطقة.
لكن جاءت مصر، فكانت حائط الصد أمام هذه المؤامرة، حيث حطمت هذه الأحلام، و أيقظت الإدارة الأمريكية و علي رأسها الرئيس دونالد ترامب من أوهامهم، للتأكيد على أن مصير الشعب الفلسطيني في يده، وأنه لن يترك أرضه تحت أي ضغط أو تهديد، و أن العرب لن يتخلوا عن قضيتهم الرئيسية.
فـ بعد تصريحات متعددة من التهديد والوعيد، بضرورة تهجير الفلسطينيين، لاستحالة الإعمار و الحياة في قطاع غزة، في ظل الدمار الهائل الذي خلفته الحرب الغاشمة من الإحتلال الإسرائيلي على مدار 15 شهر، و لضمان أن يحيا الشعب الفلسطيني في منطقة آمنة و مستقرة.
وما كان من مصر إلا الإصرار و التمسك على حق الشعب الفلسطيني في البقاء في أرضه و إقامة دولته، ولم يقف الموقف المصري عند هذا الحد، بل اصطدمت مصر الإدارة الأمريكية ورؤيتها، في ظل التهديدات الأمريكية بالمعونة الأمريكية التي تعد بند صريح في اتفاقية السلام، التي تعد الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً فيها، و لم يسفر الأمر إلا عن مزيد من التمسك من قبل مصر بموقفها و رؤيتها، كما وجهت القاهرة إستفهامتها لـ واشنطن، بشأن إلتزامها بتنفيذ بنود إتفاقية السلام.
ولم ينتهي الموقف المصري عند هذا الحد، بل إمتد من رفض خطة ترامب بشأن غزة، إلي تقديم خطة مصر بشأن غزة، التي تتضمن إعمار غزة مع الإبقاء على سكانها داخلها، وذلك في إطار العمل على حفظ الأراضي الفلسطينية لعدم تصفية القضية، ورفض قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بإجراء زيارة إلي الولايات المتحدة الأمريكية وعقد قمة في البيت الأبيض يتضمن جدول أعمالها مقترح تهجير الفلسطينيين.
ولأن مصر دائما ما تحرص على العروبة، وتولي إهتمام كبير لمصالح الدول العربية، لذا، فإن خطة مصر نالت توافق عربي كبير، جاء على رأسه رؤية الفلسطينيين سواء على المستوى السلطة أو الشعب، وبشكل رئيسي أيضاً من الدول التي نالت نصيب من إقتراحات التهجير، و تحديداً الأردن التي طالب ترامب من العاهل الأردني قطعة أرض من أجل تهجير الشعب الفلسطيني إليها، والسعودية التي خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متبجحاً ، بحديث عن عدم وجود ضرورة لإقامة دولة فلسطينية في الأراضي الفلسطينية، مقترحاً أن يتم إقامة هذه الدولة في المملكة العربية السعودية، نظراً لأن مساحتها الجغرافية كبيرة.
ولأن الصمود و الإرادة و الإصرار المصري صدم ترامب وإدارته، ذهبت الولايات المتحدة الأمريكية تلوح بتهديدات غير صريحة طارة بـ حاملة الطائرات الأمريكية “يو. إس. إس. هاري إس ترومان”، التي سرعان ما اصطدمت بـ
سفينة “بشيكتاش-إم”، وهي سفينة شحن بضائع عامة تحمل العلم البنمي، وذلك بالقرب من قناة السويس قبالة ميناء بورسعيد المصري في البحر الأبيض المتوسط، والتي وردت أنباء عن أن الحادث جاء نتيجة تشويش من مصدر غير معلوم.
ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد ، بل منعت مصر قاذفتين استراتيجيتين أمريكيتين من طراز B-52 من عبور الأجواء المصرية، وذلك لعدم حصولهما على التصريح اللازم، وذلك أثناء قيام القاذفتان برفقة عدد من طائرات التزود بالوقود جواً ومجموعة من المقاتلات، طلعة جوية مفاجئة فوق منطقة الشرق الأوسط، في رحلة انطلقت من بريطانيا ومرت بالأجواء الأردنية والعراقية، ثم عبرت فوق الخليج العربي بالقرب من السواحل الإيرانية، وقد رفضت السلطات المصرية دخول القاذفات الأمريكيين من دخول الأجواء المصرية لعدم إشعار السلطات المختصة مسبقاً، وهو ما يعد نديه مصرية في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها القوة العظمى الوحيدة في العالم.
كما ضغطت القيادة المصرية على أطراف التفاوض من أجل إستمرار إتفاق وقف إطلاق النار وصموده، و إستكمال مراحلة، بعدما تعرقلت بسبب التهرب الإسرائيلي من الإلتزام ببنود الإتفاق، والضغوط الأمريكية لإفشاله، إلا أن القاهرة نجحت في المناورة، وإقتنصت المكاسب وتمكنت من إدخال المعدات الثقيله إلى قطاع غزة للبداء في أولي مراحل إعادة الإعمار لقطاع غزة، كما إستطاعت أيضاً في إدخال المنازل المتنقلة لداخل قطاع غزة.
والخلاصة أن مصر، لم تدخر جهد في صون القضية الفلسطينية، و الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ، وإسماع العالم أجمع صوته، ودائماً ما كانت و ستكون علي مدي الضهر صمام الأمان والاستقرار للمنطقة بالكامل وليست القضية الفلسطينية فقط.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.