تفاخر أصدقائي فيما بينهم وعددً كل واحد منهم مناقب أسرته وقبيلته ، وتباهى كل منهم بأهم ما يميز أهله عن غيرهم من أمور اشتهروا بها عن سواهم ، فمنهم من قال إن معظمهم أسرتي من الأغنياء وميسوري الحال ، ونشتهر بالتجارة التي نتميز بها عن غيرنا ، ومنهم من تفاخر بأنهم من أكثر الناس ملكية للأراضي فهو يصفهم أصحاب ( وسايا ) من أيام الإقطاع ، وتلى أولئك من تفاخر بالعلم وقال معظم عائلتي من المتعلمين فنحن نمتلك أعداداً من الأطباء والمهندسين والمحامين وهذا شرف كبير فبالعلم تُرفع بيوتا لا عماد لها.
أما ما استوقفني قول احدهم أنا اختلف عنكم جميعا فقبيلتي ليست من أصحاب الأملاك الكبيرة ولا من التجار المشهورين في عالم التجارة ولسنا كذلك ممن يباهي بالعلم رغم وجوده ولكننا نختلف عن الآخرين بالاصطفاف ….
فقلت لصديقي ماذا تعني بكلمة الاصطفاف هذه ؟ قال صديقي نحن ( أناس نمتلك الترابط فنعين ضعيفنا ونُشبع فقيرنا ، ونتحد في الأزمات مهما كان بيننا من أمور قد تؤدي الى بعض المشكلات كأي عائلة أو قبيلة ولكننا نختلف ..
فقلت له من فضلك وضح لي تلك النقطة أكثر ، فقال معنى كلامي في الاصطفاف أننا ولو بيننا دماء ، أو حتى جرائم كبيرة لكننا لو تعرضنا لازمة خارجية بادرنا إلى الاتحاد دون النظر إلى ما بيننا من مشكلات أو دماء فننسى ما بيننا من ضغائن بأسرع ما يمكن ويتحول تفكيرنا الى صد المشكلة الخارجية التي تهم المجموع وهذا الأمر اشتهرنا به منذ القدم فترسخ لدى الجيران أننا نتحد بسرعة فاحترموا ذلك فينا وأيضا يعملون لنا الف حساب.
فقلت له ما أحوجنا يا صديقي كمصريين إلى هذا الاصطفاف ، صحيح انك شرحته بطريقة ( بلدي ) كما يقولون ، لكن هذا هو الاصطفاف الوطني لو تحقق على ارض الواقع لأرسى ذلك خيراً كثيراً ، فما أحوجنا أن نتوحد أمام الهجمة الخارجية ،
فالاصطفاف الوطني يا صديقي يجعل هذا الشعب الأبي يتوحد وينسى أو يتناسى ما بينه من ضغائن وأحقاد مدسوسة على طبيعة هذا الوطن ، والاصطفاف الوطني يجبر الجميع على التوحد خلف راية واحدة حتى لو اختلفنا معها فليس وقتنا وقت تناحر داخلي ( أي داخل الأسرة المصرية ).
لقد جربنا الاصطفاف الوطني أيام الحروب فتناسى الشعب ساعتها ظروفه المعيشية والحالة الاقتصادية وساهم الجميع في النصر ولو بالدعاء ، والدعاء هنا معناه ان قلبه مع المجموع فلم يغير قلبه اختلافه في الرأي مع قائد المعركة
ما أحوجنا يا أعزائي القراء إلى فكرة الاصطفاف الوطني والى التناغم المجتمعي برغم كل ما يمكن أن تواجهني به من حديث عن الحالة الاقتصادية الصعبة إلا أنني ادعوك أن تشاهد المشهد بصورة أوسع واشمل وتنظر إلى دول الجوار فهل يفكرون ألان في الحالة الاقتصادية أم أنهم يبحثون عن الحياة ولو في ( جحر ضب ) فبالاصطفاف الوطني وبالتكافل المجتمعي سوف نعبر بمصر مرحلة الخطر التي يتمناها لنا المغرضون والحاقدون على مصر دمتم بخير.
اقرأ أيضا.. صالح المسعودي يكتب: أصحاب القلوب البيضاء
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.