“جمال حمدان خبيئة مصر ” كتاب صدر حديثا عن مركز الحضارة العربية برئاسة المفكر والناشر على عبد الحميد ،الكتاب للزميل : د. السيد رشاد برى الشاعر والباحث والكاتب الصحفى بمؤسسة الأهرام ونائب رئيس تحرير مجلة الأهرام العربى ..والذى يبدأه بتلخيص دال للمشهد المصرى الآن قائلا :(وراءنا “ماض ” نفخر به ..ونحيا “حاضرا” نسعى أن يكون مانبتغيه ..لكن أمامنا ” مستقبل “لابد أن نعبر إليه ..) ، بينما افتحه باهداء موجع للراحل العظيم جمال حمدان هو فى حقيقته اعتذار عن خطيئة أجيال متعاقبة فى حق هذا العبقرى المتفرد ..والذى يقول فيه :” الى د. جمال حمدان ..لقد خذلناك بقدر ما أنصفتك ” الجغرافيا”..وأسأنا الى أنفسنا بتجاهل أفكارك .. بقدر ما خلدك التاريخ .. فسامحنا وأنت فى عالمك البعيد
ويواصل المؤلف :إن إحياء ” مشروع جمال حمدان ” فى مصر والعالمين العربى والاسلامى هو الواجب الثقافى (المقدس) الذى غفل عنه الكثيرون..ومن الخطورة بمكان أن تنسى الأجيال المعاصرة، أو يتم تغييبها عمداً عن ”مشروع جمال حمدان ” القدوة والنموذج “، فتتخلى الأمة شيئا فشيئا عن موروثها الحضارى وخصوصيتها الثقافية ، أو تتركه يذبل ويندثر مع مرور الوقت ، فتنشأ أجيال متتابعة على فراغ قيمى وحضارى هائل .
وفى هذا السياق يقدم الملمح الأول ، الذى جاء بعنوان “موقد الضوء .. ملمح انسانى ويقدم جانبا من جمال حمدان الإنسان وذلك”بلغة أقرب الى الشاعرية ..فيما يتناول الكاتب فى الملمح الثانى الذى وضع له عنوان ” الفكر الاستراتيجى واستشراف المستقبل،قضية التفكر الاستراتيجى واستشراف المستقبل كأبرز سمات مشروع حمدان،ومع أن ما كتبه” جمال حمدان” قد نال بعد رحيله بعضا من الاهتمام الذي يستحقه، إلا أن المهتمين بفكره، صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته الجغرافية فقط، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر” حمدان “، وهو قدرته على التفكير الاستراتيجي. ولذا فان” جمال حمدان”، عاني مثل أنداده من كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على استيعاب ما ينتجونه، إذ أنه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات وربما عقود، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الاستراتيجيين،وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر “جمال حمدان”، سنفاجأ بان هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، فقد تنبأ بمشاكل المياة بوادى النيل ،وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامه شمالا وجنوبا، أدرك” جمال حمدان” ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، وبالتحديد في عام 1989، وهذه القدرة على استشراف المستقبل تبدو واضحة أيضا، في توقع جمال حمدان لسعي الغرب لخلق صراع مزعوم بين الحضارات من أجل حشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامي، حيث أكد انه “بعد سقوط الشيوعية وزوال الاتحاد السوفيتي، أصبح العالم الإسلامي هو المرشح الجديد كعدو الغرب الجديد. وإلى هنا لا جديد. الجديد هو أن الغرب سوف يستدرج خلفاء الإلحاد والشيوعية إلى صفه ليكوّن جبهة مشتركة ضد العالم الإسلامي والإسلام، باعتبارهما العدو المشترك للاثنين، بل لن يجد الغرب مشقة في هذا، ولن يحتاج الأمر إلى استدراج: سيأتي الشرق الشيوعي القديم ليلقي بنفسه في معسكر الغرب الموحد ضد الإسلام والعالم الإسلامي”، وهو ما تحقق بالفعل، حيث وضع صموئيل هنتنجتون في كتابه “صدام الحضارات” الخطوط الفكرية العريضة لهذا الحلف، فيما يخوض المحافظون الجدد في واشنطن غمار معاركه الفعلية، في إطار ما بات يعرف بالحرب على الإرهاب..
فيما يتناول الملمح الثالث الذى جاء تحت عنوان “الناصرية” .. بوصلة مصر..رؤيته لقضايا محيطه الداخلى متمثلا فى ايمانه بناصرية مصر باعتبارها حاصل جمع التاريخ والجغرافيا، وقاعدة انطلاق مصر للمستقبل ، وقد دافع د. جمال حمدان بشدة عن دوائر الاهتمام الناصرى الثلاث، وهى : الدائرة الاولى العالم العربى والدائرة الثانية القارة الافريقية والدائرة الثالثة الأوسع العالم الاسلامى ، وأيدها تماما من منطلق أن الاهتمام بهذه الدوائر ناتج عن فهم كبير مستمد من علم الجغرافيا السياسية .
أما الملمح الرابع الذى حمل اسم ” معادلة القضاء على الصهيونية”..فقد تناول رؤية د. جمال حمدان للعالم الخارجى متمثلة فى استراتيجيته واضحة المعالم لتفنيد وضحد ومقاومة المشروع الصهيوني.. يعد جمال حمدان واحدا من قلة محدودة للغاية من المثقفين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين.
لقد وضع “حمدان” شروطًا للقضاء على الصهيونية في معادلة مفادها: زوال إسرائيل (الكيان الصهيوني) يساوي(الإجرام الصهيوني ) في( مدى ردِّ الفعل العربي تجاه التحدي الصهيوني).
، و قبيل رحيله، رسم” حمدان” ملامح حلم التعمير السيناوى، حيث تطلع إلى أن يكون الساحل الشمالى غنيا بالزراعة والغربى نشيطا فى مجال التعدين والشرقى فى مجال الرعى، وان تكون قناة السويس مزدوجة ويتجمع العمران الكثيف حول ضفتيها، وأن تكون هناك سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية..وهكذا يؤكد” د.جمال حمدان ” أنه بما لايدع مجالا للشك أن الرد العملى لتلك الاطماع الاسرائيلية وغيرها فى سيناء يكمن فى كلمة واحدة هى «التعمير».
يذكر أن كتاب جمال حمدان خبيئة مصر يعرض حاليا فى جناح الحضارة العربية بمعرض الكتاب – صالة 4جناح c49.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.