Take a fresh look at your lifestyle.

ناصر الجندي يكتب: عيد الشرطة ودروس في الانتماء لهذا الوطن

35

بقلم الدكتور ناصر الجندي

في الخامس والعشرين من يناير من كل عام، تحتفل مصر بعيد الشرطة، ذلك اليوم الذي يحمل في طياته أروع معاني الانتماء للوطن والتضحية من أجله. إنه ليس مجرد ذكرى تاريخية بل درس متجدد نتعلم منه كيف يمكن للإنسان أن يكون جزءًا من وطنه، ليس بالمكان فقط، ولكن بالروح والعطاء.

هذا اليوم يعود بنا إلى عام 1952، حين رفض رجال الشرطة المصرية في الإسماعيلية تسليم مبنى المحافظة لقوات الاحتلال البريطاني، وفضلوا الصمود والقتال رغم الفارق الكبير في العدد والعتاد. كانت معركة غير متكافئة، لكنها تجسد إرادة شعب لا يعرف الخضوع ولا يقبل أن يُسلب منه شرفه أو كرامته.

الانتماء… فعل وليس شعورًا
الانتماء للوطن لا يعني فقط أن نحبه أو نرفع شعاره، بل يعني أن نكون جزءًا من قوته ونهضته. رجال الشرطة الذين ضحوا في موقعة الإسماعيلية لم يكونوا مجرد موظفين يؤدون واجبهم، بل كانوا قدوة في العطاء، يؤكدون أن الوطن هو الهوية التي نحملها ونعبر عنها بأفعالنا.

في حياتنا اليومية، يمكننا أن نستمد من هذا اليوم دروسًا في كيف يمكن لكل فرد أن يكون جنديًا في موقعه. فالطبيب الذي يعالج مرضاه بإخلاص، والمعلم الذي يربي الأجيال بالعلم والأخلاق، والعامل الذي يُتقن عمله، كل هؤلاء يسهمون في بناء وطن قوي ومستقر.

دروس التاريخ بين الشرطة والشعب
عيد الشرطة لا يخص رجال الأمن فقط، بل هو عيد لكل مصري يفخر بما قدمه هؤلاء الأبطال في سبيل حماية أمنه واستقراره. إنه فرصة لتذكير أنفسنا بأن العلاقة بين الشرطة والشعب هي علاقة شراكة وتكامل. الشرطة تحمي الوطن من الأخطار، والشعب يساندها بالوعي والتكاتف.

في هذا السياق، لا يمكننا أن ننسى دور القوات المسلحة المصرية، التي انحازت لإرادة الشعب في لحظات مصيرية، وكانت دائمًا الحصن المنيع الذي يحفظ هذا الوطن من أي تهديد. إن هذه المؤسسات الوطنية هي درع مصر الذي يواجه كل التحديات.

كيف نعلم الأجيال حب الوطن؟
عيد الشرطة هو أيضًا فرصة للتفكير في كيفية غرس قيم الانتماء في نفوس الأجيال الجديدة. حب الوطن يبدأ من إدراك قيمته، من معرفة تاريخه، ومن فهم التضحيات التي بُذلت ليظل هذا الوطن حرًا وأمنًا.

على كل أب وأم أن يحكوا لأبنائهم عن أبطال موقعة الإسماعيلية وعن كل من بذلوا أرواحهم فداءً لهذا الوطن. هذه القصص ليست مجرد حكايات، بل دروس عملية ترسخ في الأذهان أن مصر ليست مجرد مكان نعيش فيه، بل كيان نعيش من أجله.

ختامًا… الوطن يستحق المزيد
في عيد الشرطة، نتذكر أن مصر لا تبنى بالكلمات فقط، بل بالأفعال التي تعكس الانتماء الحقيقي. هذا الوطن الذي شهد حضارات عظيمة يستحق منا أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نقدم له الأفضل في كل مجال.

كل عام وشرطة مصر بخير، وكل عام وشعبها أقوى وأكثر وحدة. دعونا نجعل من هذا اليوم فرصة لإعادة اكتشاف معنى الانتماء، ليس فقط في الذكريات، بل في كل خطوة نحو مستقبل أفضل لهذا الوطن الذي لا مثيل له.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.