تتناول هذه المقالة موضوع الأموال غير المشروعة التي يتم إيداعها في البنوك، وكيفية عمل هذه الأموال، وما إذا كان هناك ضرر على المواطنين أو الدولة.
كما نستعرض دور البنوك في تطوير هذه الأموال، وعلاقة غسل الأموال بالأموال غير المشروعة، بالإضافة إلى تعريف غسل الأموال.
وغسل الأموال يُعرَّف بأنه عملية تتعلق بتجارة الأموال غير المشروعة، مثل تجارة المخدرات والأسلحة، أو أي نشاط غير قانوني يُحظر دخوله إلى النظام المصرفي، بهدف إكسابها صفة الأموال المشروعة من خلال دمجها مع أموال أخرى.
تعود جذور غسل الأموال إلى فترة الحظر الأمريكي على الكحول في عشرينيات القرن الماضي، حيث تم سن قانون فيدرالي بهذا الشأن، ورغم إلغاء الحظر في عام 1933، استمر نشاط السوق السوداء في بيع الكحول بأسعار مرتفعة، مما أدى إلى ظهور شخصيات مثل الكابوني التي حققت أرباحًا طائلة من هذه التجارة.
ومع ذلك، كان التحدي الأكبر هو كيفية إخفاء مصدر هذه الأموال غير المشروعة، مما أدى إلى ابتكار طرق مثل شراء الأجهزة المنزلية لدمج الأموال غير المشروعة مع الأموال المشروعة.
في عام 1986، أصدرت الولايات المتحدة قانونًا لمكافحة غسل الأموال، حيث كانت المشكلة تكمن في إخفاء المصدر الحقيقي للأموال لإضفاء الشرعية عليها. بين عامي 2008 و2017، استثمرت الدولة في مشاريع البنية التحتية لتحسين مستوى المعيشة وتقليل البطالة.
تتم عملية غسل الأموال داخل البنوك عبر ثلاث مراحل:
1. الإيداع: حيث يتم إيداع الأموال في بنوك معينة على مدى فترة زمنية طويلة دون لفت الانتباه.
2. التمويل والتغطية: من خلال شراء وبيع الأصول وتغيير طبيعتها لإضفاء الشرعية عليها.
3. الدمج: يتم استخدام الأموال في استثمارات داخلية وخارجية، مما يؤدي إلى دمج الأموال غير المشروعة مع الأموال المشروعة.
تُعتبر البنوك السويسرية وجزر كايمان من أبرز المؤسسات التي تتعامل في غسل الأموال، حيث تحافظ على سرية الهوية وتفرض قواعد صارمة بشأن مصادر الأموال.
وفي 20 سبتمبر 2020، نشر موقع BuzzFeed تحقيقًا يكشف عن تورط بعض البنوك العالمية في عمليات غسل الأموال، حيث تم تسريب معلومات تتعلق بقيمة 2 تريليون دولار من الأموال المغسولة.
تتمثل آثار غسل الأموال في زيادة معدلات الجريمة والفساد داخل الدول، بالإضافة إلى الأضرار التي تلحق بالاقتصاد الوطني نتيجة دخول هذه الأموال إلى السوق دون دفع الضرائب، مما يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.
إن تقويض الاستقرار المالي يتجلى في ضعف وزعزعة الاستقرار المالي للبنوك، مما يؤدي إلى عدم قدرتها على تلبية المتطلبات المالية للأفراد، وبالتالي يساهم في تدهور وضعهم المالي. كما أن ضعف الثقة في البنوك ينعكس سلبًا على تعاملات الأفراد معها، مما يسهم في زيادة معدلات البطالة وانخفاض القيمة المحلية للعملة، بالإضافة إلى عدم قدرتها على المنافسة مع العملات الأخرى، خاصة تلك المستخدمة في المعاملات المالية غير المشروعة.
للتقليل من الأضرار التي تلحق بالدولة والأفراد نتيجة الأنشطة غير المشروعة، مثل جرائم غسيل الأموال، ينبغي على الدولة اتخاذ مجموعة من التدابير. أولاً، يتطلب الأمر سن قوانين وتشريعات صارمة تفرض عقوبات بالسجن والغرامات، تكون واضحة وفعالة في ردع المخالفين.
ثانيًا، يجب تعزيز آليات المراقبة والإبلاغ عن الأموال التي تُودع في حسابات الأفراد، بحيث تتناسب مع دخلهم. كما ينبغي تطوير مهارات موظفي البنوك في التعامل مع الأموال غير المشروعة، وتمكينهم من التعرف على مصادر التحويلات المالية.
علاوة على ذلك، يتعين مراقبة أصحاب العقارات والمشاريع ذات الدخل المرتفع، مثل الكازينوهات، لضمان معرفة مصادر الأموال المتدفقة إليهم، سواء كانت داخل الدولة أو خارجها. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التعاون الدولي بين الدول لتحديد مصادر هذه الأموال.
أخيرًا، يجب تعزيز الشفافية المالية من خلال تشجيع الأفراد على الإفصاح عن مصادر أموالهم، والحد من استخدام النقد الكبير في المعاملات المالية، ومتابعة الطرق المتبعة في ذلك.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.