Take a fresh look at your lifestyle.

السفير الحبيب النوبي يكتب: دونالد ترامب حول العالم

4

بقلم السفير الدكتور/ الحبيب النوبي 

في احتفال كبير، بعد أيام قليلة، يحين موعد تنصيب الرئيس الأمريكي، في 20 يناير، وهو الموعد المقدس بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي يحلف فيه الرئيس الأمريكي، المنتخب، القسم، ويصبح، بعده، الرئيس الفعلي للولايات المتحدة الأمريكية، لمدة أربع سنوات. وبعد الاحتفال، يتوجه الرئيس إلى المكتب البيضاوي، في البيت الأبيض، لممارسة عمله ومهام منصبه.

إلا أنه يبدوا أن الرئيس المنتخب، ترامب، قد بدأ ممارسة مهام المنصب الرئاسي قبل يوم التنصيب، ففي سابقة لم تحدث في تاريخ أمريكا، ورغم أن الرئيس جو بايدن لازال هو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن ترامب أرسل ستيف كوف، ممثلاً عنه، إلى العاصمة القطرية، الدوحة، للتباحث بشأن أزمة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وإيجاد حل لها، بل وأعلن أن عدم إطلاق سراح الرهائن قبل يوم 20 يناير، سيحول الموقف إلى جحيم، يدفع ثمنه الشرق الأوسط كله!

لم يكتف ترامب بتصريحاته عن الشرق الأوسط، قبل بدء رئاسته الفعلية، بلى ضاف إليها تصريحات شائكة، عن عزمه ضم جرين لاند إلى الولايات المتحدة، وكذلك خليج بنما، وتغيير اسمه إلى خليج أمريكا، وهي التصريحات النابعة، ولا شك، من الرغبة في تعزيز المصالح الأمريكية، من الناحية العسكرية والاقتصادية والسياسية، دون أية اعتبارات لمصالح الغير، إذ تضم جرين لاند قاعدة عسكرية أمريكية، تستخدم في المهام الدفاعية، لصد أية تهديدات أو هجمات على الولايات المتحدة من ذلك الاتجاه، وهو ما يجعل جرين لاند، بموقعها المتميز، أحد أهم ركائز خطة الدفاع الاستراتيجي عن الولايات المتحدة الأمريكية. فضلاً عما تمتلكه جرين لاند من موارد طبيعية، مثل المعادن والنفط، مما يؤهلها لأن تكون امتداداً اقتصادياً لبلاده على المدى الطويل.

ورغم تربع الاقتصاد الأمريكي على قمة القوى الاقتصادية العالمية، حتى الآن، إلا أن رغبة ترامب في السيطرة والاستحواذ على خليج وقناة بنما، تبدو وكأنها تحسباً للمستقبل، الذي يُتوقع فيه أن يتفوق التنين الأصفر الصيني اقتصادياً على نظيره الأمريكي بحلول عام 2035، وهو ما يدفعه لمحاولة التصدي لجموح التقدم الاقتصادي الصيني. ومما لا شك فيه أن تلك التصريحات، التي لم ترتق بعد لمرحلة القرارات، من شأنها خلق توترات ومشاحنات مع الصين، التي تعتمد على ذلك المحور في معاملاتها التجارية البحرية، وتعتبر أي مساس به، تهديداً مباشراً لمصالحها الاقتصادية، وهو ما لن تسمح به، خاصة وأن الولايات المتحدة تعتزم، أيضاً، زيادة تواجدها العسكري في تلك المنطقة، مما يعني تحويل المحيطين، الهادي والأطلسي، إلى منطقة توتر بين أمريكا والصين.

وتعليقاً على استقالة رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، علق الرئيس، المنتخب، ترامب “ممازحاً” بوجوب ضم كندا للولايات المتحدة الأمريكية، واعتبارها الولاية الواحدة والخمسون، للسيطرة على تدفق المهاجرين إلى بلاده عبر حدودها، مهدداً باستخدام القوة الاقتصادية ضدها، وهو نفس التعليق الذي أطلقه أكثر من مرة، قبل ذلك، في مناسبات مختلفة، والذي لم يُثر استياء الإدارة والشعب الكندي فحسب، وإنما رفع درجة التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا، لما تنطوي عليه مثل تلك الخطوة، وإن كنت أراها بعيدة التنفيذ على أرض الواقع، من تعزيز للقوى العسكرية الأمريكية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وهو ما يصطدم مع طموحات وأطماع روسيا لتحقيق ذات الهدف، لما تحتويه منطقة القطب الشمالي من ثروات خاصة، سواء النفطية أو المعدنية. وفي رأيي أن مثل تلك التصريحات تعد الشرارة الأولى للصراعات المستقبلية التي سيشهدها العالم.

أما فيما يخص رأي الرئيس ترامب، وموقفه السياسي من حلف الناتو، فقد أوضحه جلياً خلال فترة ولايته السابقة، ولم يحاول إخفاؤه خلال حملته الانتخابية، أو بعد فوزه، ولم ينتظر حتى استلام مهام الإدارة الأمريكية، ليعود إلى إثارة الجدل والتوتر، مجدداً، بشأن ذلك الأمر من خلال تصريحاته عن الطموحات التوسعية، بالتحرك عسكرياً، لضم جرين لاند، وقناة بنما، ومطالبة دول حلف الناتو بضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من إنتاجهم المحلي، وهو ما لا يتعدى، حالياً، 2% فقط من الدخل، مقابل نحو ٢,٦٪ تنفقهم الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أن وزير الدفاع الأمريكي، بالإدارة الأمريكية الحالية، لويد أوستن، كان قد بعث برسالة طمأنة لدول حلف الناتو باستمرار عضوية بلاده به، إلا أن رسالته، لن يكون لها، مع الأسف، أي تأثير في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي مستقبلاً، إذ بعثها وهو على مسافة ١٠ أيام من مغادرة منصبه. وقد جاءت تصريحات ترامب حول زيادة مساهمات دول حلف الناتو مثيرة لاستياء العديد من رؤساء وقادة أوروبا، ومنهم المستشار الألماني شولتس، والرئيس الفرنسي ماكرون.

وعلى صعيد الحرب الروسية الأوكرانية، فقد سبق لترامب أن وصف الرئيس الأوكراني “بالتاجر الشاطر”، بعدما حصل من الإدارة الأمريكية الحالية على مساعدات عسكرية بما يزيد عن 60 مليار دولار منذ بدء الحرب مع روسيا، وهو ما أثار انزعاج الرئيس الأوكراني. كما سبق له، أيضاً، التصريح بقدرته على إنهاء الحرب خلال 24 ساعة، مضيفاً أنها لم تكن لتندلع لو كان موجوداً بالسلطة، يبقى الأمل في الوفاء بتعهداته، بعد وصوله إلى البيت الأبيض، ووقف تلك الحرب التي هددت السلام الاقتصادي في كل دول العالم.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.