إبراهيم شعبان يكتب: البكالوريا المصرية.. وما يحتاجه التعليم في مصر
الضجّة حول المشروع المعلن لاستبدال نظام الثانوية العامة بنظام البكالوريا المصرية، والذي اقترحه وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف لم تنته بعد، خصوصا وأن المشروع الذي ناقشه مجلس الوزراء لم تذهب نسخته النهائية بعد وما تم الاستقرار عليه لمجلس الشيوخ، ثم يأخذ دورته التشريعية في مجلس النواب.
لكن لدي العديد من الملاحظات حول مشروع البكالوريا المقترح خصوصا وأن لدي ابن في الشهادة الثانوية العامة العام الجاري، وأشعر مثل كل الأسر وأتحمل كثيرا من العناء النفسي والمادي والضغوط جراء مما تجلبه الشهادة الثانوية على ملايين الأسر المصرية.
-النقطة الأولى، أن مقترح البكالوريا المصرية ظهر بعد شهور قليلة فقط، من تغيير جذري أدخله وزير التعليم الحالي د. محمد عبد اللطيف على مناهج الثانوية العامة لهذا العام، وظهر مع بدء الدراسة وكانت أبرز معالمه اختصار مواد الدراسة والاستغناء عن الفلسفة والمنطق وعدم إضافة مادة اللغة الفرنسية للمجموع وتهميشها، على عكس ما كان طوال العقود الماضية مع اللغة الأجنبية الأولى والثانية.
وبغض النظر عن مزايا أو عيوب هذا التغيير الجذري الذي ظهر مع بداية العام الحالي للثانوية العامة، فإن الدفع بتغيير جديد ومشروع البكالوريا المصرية يثير القلق من أن وزارة التعليم في عهد وزيرها الحالي سيكون دأبها التغييرات المتواصلة.
-القصة ليست فقط في تغيير نظام الثانوية العامة وليس جديدًا القول أنه تم تغيير النظام نحو 6 مرات خلال العشر سنوات الأخيرة، مما يشتت ويرهق الأسرة المصرية ويرهق أولياء الامور، ولكن المشكلة أنه يفتقد لهدف حقيقي واضح لطلاب الثانوية العامة أو أولياء أمورهم.
-النقطة الثالثة، أن المشكلة الأولى التي تتبدى مع نظام البكالوريا المصرية وبعض النظر عن اعتراض البعض عن اسمه الذي يذكرنا بشهادة كانت موجودة قبل 100 عام، أنه يُزيد فترة القلق لدى الطلبة وأولياء الأمور طوال ثلاث سنوات.
-ففي حين أن الصفين الأول والثاني للثانوية العامة كانا صفوف نقل في النظام الحالي وشهادة الثانوية تقتصر على الصف الثالث، وبما يمتد لنحو عام كامل بدءا من أغسطس وحتى إعلان النتيجة في يوليو من العام التالي بعدها، فإن مقترح البكالوريا يطيل عمر الشهادة الثانوية لعامين الصف الثاني والصف الثالث وما قيل عن تحسينات للأسف غير حقيقي، فكل ما حدث أن الوزارة أجلت موعد امتحان النصف الدراسي الأول إلى شهري مايو للصف الثاني الثانوي، وشهر يونيو للصف الثالث، ما يزيد طول المادة المّدرسة أو المنهج المقدم، فالكتاب أو المنهج لن يتم قسمته على نصف دراسي أول ونصف دراسي ثاني كما هو الحال مع النظام الحالي، للصفين الأول والثاني من الشهادة الثانوية العامة ولكن سيكون الكتاب بطوله وأول امتحان وتقييم للطالب فيه سيكون في شهر مايو؟!!
-التجربة مرهقة والضغوط ستزيد على الأسر المصرية وهذا النظام، سيشعل الدروس الخصوصية وليس العكس للثلاث صفوف، والتي لن يرى طلابها أي امتحانات للتقييم قبل شهر مايو أي قبل مرور العام الدراسي بأكمله.
-وما تم اقتراحه بخصوص التقسيمات الموجودة الطب وعلوم الحياة وآداب فنون، للأسف هى نفسها التقسيمات الموجود الآن مع تغيير مسمياتها فهناك أقسام علمي علوم وعلم رياضة وقسم أدبي.
-الضجة والخلاف الواسع حول مشروع البكالوريا المصرية مبرر تماما، وهناك تخوفات هائلة ولا داعي لاعتماد المشروع.
-وعلى الناحية الثانية، فمن الحق ان يقال أن وزارة التعليم وبالأخص خلال السنوات الاخيرة تبذل جهودا واضحة للتطوير بعيدا عن تغيير نظام الثانوية العامة.
-وأستطيع ان أنبه الى ضرورة استمرار التطوير، بإحداث تغيير جذري في كافة المناهج التعليمية، ولا مانع من الاطلاع على التجربة البريطانية أو الألمانية في التعليم ومضاهاة ذلك بنموذج مصري.
-التصدي بحسم وتجريم إعطاء الدروس الخصوصية وقفل هذا الباب نهائيا بتشريع واضح، فمهمة المدرس أن يخلص في الشرح والتفسير داخل الحصة المدرسية، وخصوصا انه حدثت نقلة كبيرة وحقيقية في رواتب المعلمين وكوادر التدريس السنوات الماضية.
-اعتبار التعليم مشروع قومي مثل كل المشاريع العملاقة المنفذة، وبدء التطوير من المرحلة الابتدائية، بخطط واضحة لنحو عقدين من الزمان أو جيل كامل، بحيث يلاحظ تغيير جذري وشامل في المناهج، وربط المناهج بفرص العمل الحقيقية، وتقوية اللغات الأجنبية بشكل حقيقي، فاللغات الأجنبية وعلوم الحاسب الآلي والذكاء الاصطناعي هى معيار العمل والتواجد لطلابنا في المستقبل..
هذه وقفة سريعة مع البكالوريا المصرية، وأتمنى مراعاة مختلف الآراء المطروحة، وعدم التعجل بفرض نظام جديد.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.