Take a fresh look at your lifestyle.

اللقاء الثاني .. قصيدة للشاعر محمد الحديني

332

من على كرسيّ المتحرك

وبيد تسكنها التجاعيد

أمسك بقطعة طباشير

وأضع علامات استفهام وتعجب

على أسئلة تعتلي حائط غرفتي الأسود.

أتحرك إلى (الوراء)

أطفئ المصباح وأغفو.

بعد حين

يعم النور المكان

وأفتح عينيّ

أصفق بحرارة لرضيع مألوف الملامح

يتسلق ببراعة حائطًا

يتحول تدريجيًا إلى اللون الأخضر.

لقطات نادرة لكاميرا محطمة

في ساحة المعركة

جندي مُصاب يترنح ويترنح

جنود آخرون يُنحون أسلحتهم جانبًا

يُصفقون ويُصفرون بحماسة

يظنونه يرقص.

في ساحة المعركة

جندي قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة

يمد يده لينتزع قلادة

ينظر إلى صورة حبيبته المطبوعة

ويبتسم.

في ساحة المعركة

وبعد انتهاء القصف

جندي يَصُف زملاءه القتلى

ويفتح أعينهم على

سماء خالية من العصافير.

وفي منزل صامت

جندي أنهى خدمته فاقدا بصره

لا ينام إلا ومصابيح غرفته مضاءة

كي لا يرى شبح زميله

الذي مزقت القذيفة جثته.

بطولة جماعية

هي ليلة العرض الأخير للمسرحية

التذاكر مجانية

والقاعة مكتظة عن آخرها

الكل يؤدي دوره

الكل يستمتع

والكل يزحف في صدره

ذرات الغاز المميت

المنبعث من فتحات المكيّفات.

ومع اقتراب مشهد الختام

لم يتبق أحد من الممثلين لينحني

لمشاهدين لم يتبق

منهم أحد ليصفق.

عُطلة ليوم واحد

اليوم لن أتناول أقراصا منومة

لا أريد أن أرى تمثال ميدان ينظر متضرعا إلى حشرة تنخر في قاعدته

لا أريد أن أقابل شبح شاعر هائم على جسر معلق بين السماء والأرض

لا أريد أن أنفض ما في جيبي في صندوق عرافة موشومة الذقن، تخيفني بنظراتها

لا أريد أن تقلني حافلة أكون قائدها وراكبها الجالس في المقعد الأخير

لا أريد أن أرى رأسي قابعا في دلو أسحبه من بئر كائن في صحراء رمالها سوداء

ولا أريد زوارا

أريد أن أضع رأسي في حجر أمي فقط

وعندها ستنساب الموسيقى

وأبصر فراشات ووردات

من بين فتحات شالها الحنون.

 

– محمد الحديني (شاعر وكاتب قصص قصيرة جدا.. حاصل على جائزة الدولة التشجيعية)

التعليقات مغلقة.