Take a fresh look at your lifestyle.

رضا عبد السلام يكتب: دفاعا عن إذاعة القرآن الكريم.. وكشف حساب

90
بقلم – رضا عبد السلام
ترددت قبل أن أكتب في هذا الموضوع خاصة وأن الأقلام والأحاديث والمناقشات جلها يكيل الاتهامات ويبحث عن الثغرات وقد نالني منها الكثير منها ماكان موضوعيا يحتاج إلي رد ومناقشة والقليل منه كانت تشوبه سوء النية وساءني أن تختزل الإذاعة في أحد العيوب التي يتفق عليها الجميع ومن يعملون بالإذاعتة ليسوا أقل ضيقا من هذا الأمر الذي يفصل مستمعيها عنها لبعض الوقت لكن من الواجب بل من الإنصاف أن نقول إن موضوع الإعلانات شيء غير مرضي عنه من الجميع حتي إن الأستاذ محمد نوار رئيس الإذاعة نفسه قال هذا الكلام وأوضح أنه يعلم عدم رضا مستمعينا عن الإعلانات ولكن يلجأ إليها الآن درءا للظروف الاقتصادية وهناك نية في التقليل منها لكن ما أريد أن أثبته هنا أنه من الظلم أن تخنزل الإذاعة في هذا الموضوع وكأن اليوم كله لايذاع في الإذاعة سوي الإعلانات فمن العدل أن نقول إن الصفحة بيضاء بها بعض الخطوط الرمادية وليس كما يفعل البعض واصفا الوضع بما ليس فيه وسأناقش هذه المسائل بموضوعية وبتقرير لحقائق لايعلمها كثير ممن يتحدثون في هذا الموضوع باعتباري ابنا من أبناء هذه الإذاعة شرفت بالانتساب إليها علي مدي خمسة وثلاثين عاما مذيعا ومقدما للبرامج ورئيسا لها في آخر ثلاث سنوات من مشواري الإذاعي معي عقلي الذي أنفقت فكره في الارتقاء بها ومعي قلمي علي مداده أطلق حجتي في تقرير مالهذه الإذاعة من الفضل طوال تاريخها في تبليغ رسالة الإسلام ومااعتراها أحيانا من قصور قصر بها عن أداء مهمتها علي الوجه الأكمل
واسمحوا لي أن أقرر بعض الحقائق التي قد تغيب عن كثير من متابعي هذه الإذاعة
أولا : نسبة القرآن المذاع علي موجات الإذاعة 87 % طوال اليوم أي أن القرآن مرتلا ومجودا يذاع حوالي عشرين ساعة كاملة علي مدار اليوم
ثانيا : يمثل القراء والذي يبلغ عددهم 165 قارئا وهذا مالايمكن أتجد له نظيرا في إية إذاعة للقرآن الكريم في العالم مابين الأعلام وجيل الوسط والجدد المحدثين في إذاعة تلاواتهم بنظام يقدم فيه الأعلام علي امتداد اليوم بحيث لكل واحد منهم تلاوة تذاع له في كل يوم ومواقيتها في قرآن الثامنة صباحا أو قبل الظهر أو ختمة العصر اليومية والمخصصة لهم أو تلاوة قبل المغرب أو في العاشرة والربع مساء عدا يومي الثلاثاء والخميس أو في قرآن السهرة
أما جيل الوسط له نظام في الإذاعة في أوقات محددة وهي أقل من الأعلام موزعة علي مدار اليوم
ثم الجدد والمحدثين الذين يذاع لهم تلاوة كل فترة من الوقت محددة بالطبع تكون أقل من جيل الأعلام والوسط بالإضافة إلي اشتراكهم في الإذاعات الخارجية والأمسيات الدينية
ثالثا : ليس للقائمين علي الإذاعة ولاإذاعة القرآن رأي فيمن يصلح قارئا بل هذا موكول إلي لجنة اختبار القراء والمبتهلين والتي تقرر فيمن يصلح قارئا ومن ثم تأخذ إذاعة القرآن الكريم ماتوافق عليه اللجنة ويمر باختباراتها وتذيع له حسب نظام مقرر لذلك كما بينا سلفا لذا أؤكد أننا في إذاعة القرآن الكريم ليس لنا رأي في القاريء الذي يصلح من غيره بل نحن نتلقي ماتجيزه لجنة القراء أقول هذا الكلام لأن بعض المنتقدين يحملوننا مسئولية عدم رضاهم عن بعض الأصوات ظنا منهم أن القرار قرارنا في إذاعة القرآن الكريم
ومن نافلة الحديث وتمامه أن أشهد باعتباري قضيت فترة ليست بالقصيرة عضوا في لجنة اختبار القراء والمبتهلين باعتباري كنت رئيسا لإذاعة القرآن الكريم أن هذه اللجنة لاتجيز إلا من كان مستحقا فعلا لأن يكون قارئا أو مبتهلا فاللجنة بها من أكابر علماء القراءات والتجويد واثنين من خبراء المقامات أستاذين في كلية التربية الموسيقية ومجموعة من الخبراء في هذا الشأن
رابعا : تحظي إذاعة القرآن الكريم بمجموعة من الإذاعيين الكبار علي امتداد تاريخها إلي الآن فأكبر نسبة للدكتوراه والماجستير في الإذاعة عموما في إذاعة القرآن وجلها في التخصصات اللغوية والفقهية وعلوم القرآن والإعلام وقد أسهمت هذه الأصوات في تشكيل النظرة الوسطية لهذا الدين العظيم بما بثته من برامج لو وصفناها بالخلود لكان لها عنوانا أما أن يقف البعض عند بعض الأخطاء التي تحدث عرضا ودون قصد ويعمم بها حكمه فهذا افتراء علي الحقيقة واجتزاء لايصلح للحكم علي هؤلاء الإذاعيين الكبار
هذه الحقائق الأربع كان لابد من عرضها لبيان الحقيقة من الزيف والغث من الثمين ولاندعي عصمة وإنما الخطأ وارد مادام العمل قائما ومستمرا علي مدار اليوم
أما الفترة التي توليت فيها رئاسة إذاعة القرآن الكريم والتي بدأت من الثامن عشر من أغسطس ٢٠٢١ وحتي خروجي علي المعاش في العشرين من يولية 2024فهذا كشف حساب عما قمت به في هذه الفترة الصعبة من تاريخ إذاعة القرآن الكريم فقد جعلت نصب عيني أن أبحث في أرشيف الإذاعة عن تلاوات جديدة لم تذع من قبل وبعد البحث الدقيق وجدنا كنزا لم يكن يعلم به أحد هذا الكنز اكتشفه الزملاء في التنسيق بالبحث عن التلاوات الموجودة علي الكمبيوتر الخاص بالإذاعة والتي نقلت من الشرائط القديمة إلي الكمبيوتر وكل تلاوة من هذه التلاوات أذيعت مرة واحدة منذ زمن بعيد وهذه التلاوات لكبار القراء الأعلام وجيل الوسط فقد أذعنا
للقاريء الشيخ محمد صديق المنشاوي 170 تلاوة تذاع لأول مرة من فترة الخمسينيات ومابعدها
للقاريء الشيخ كامل يوسف البهتيمي 139 تلاوة من الخمسينيات ومابعدها
للقاريء الشيخ مصطفي إسماعيل 58 تلاوة من قبل الخمسينات وما بعدها
إضافة إلي 403 تلاوة لبقية القراء منهم من الأعلام الشيوخ والحصري وعبد الباسط والبنا وغيرهم من الأعلام وجيل الوسط
إضافة إلي 74 تلاوة نادرة من الإذاعات الخارجية لكبار القراء الأعلام وجيل الوسط
وكذلك وجدنا علي الكمبيوتر الخاص بالإذاعة مجموعة من نسخ الأذان للأعلام من القراء أخذت دورها في الإذاعة
ومن تمام القول أن ختمة العصر التي تذاع الآن للقراء الأعلام المنشاوي والحصري وعبد الباسط والبنا ومصطفي إسماعيل والبهتيمي وعبد الفتاح الشعشاعي تذاع لأول مرة بعد إذاعتها الأولي وكذلك تقدمة التلاوة تذاع للأعلام من المتحدثين
أما بالنسبة للبرامج فقد أصدرت قرارا بعد فترة قصيرة من تولي المسئولية ألا يتحدث في أي برنامج إلا من كان يحمل شهادة الدكتوراه ولايتحدث إلا في مجال تخصصه
ولأن مساحة البرامج كانت قد تقلصت فقد وجدت بغيتي في الفرتين المفتوحتين يومي الاثتين والأربعاء والتي كانت علي مدي الثلاث سنوات أكثر من 140 فترة تناولت فيها المسائل الاجتماعية والاقتصادية وقضايا الأسرة إضافة للرد علي الأفكار المتطرفة من الجانبين العلماني والتطرف الديني وكنت أختار الضيوف بنفسي ومن مراجعة قائمة الضيوف سواء في الفترات المفتوحة أو في البرامج سيتبين أن معظمهم من عمداء الكليات الشرعية ومن أساتذة علم النفس والاجتماع الإسلامي والمتخصصين في الجوانب الاجتماعية ذات الخلفية الشرعية وفي برامج القرآن وتجويده أئمة علماء التجويد ومنهم رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر وأعضاء هذه اللجنة المتخصصين
وأما برامج الفتاوي فلايرد علي الأسئلة سواء علي الهواء يومي الجمعة والثلاثاء الذي استحدثته في فترتي إلا علماء دار الإفتاء أو الأساتذة المتخصصون في الشريعة الإسلامية وأنا أدعو علماء الاجتماع لبحث الرسائل التي تأتينا في هذه البرامج لأنها تعبر عن مشكلات واقعية يعيشها الناس في مصر ويبحثون في الدين عن ملاذ ومخرج وحري بعلماء الاجتماع أن يبحثوا عن حل لهذه المشكلات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية
أما عن الاحتفالات الموسمية فكنا نجهز لها قبل أن تواتينا بفترة طويلة لذا فقد كانت إضافة مهمة للتثقيف والترفيه بشكل يقبله المستمع المصري مع الذخر الروحي في التلاوة التي تذاع في هذه الاحتفالات لكبار القراء المعاصرين ثم لكلمة من كبار المتحدثين وتختم بابتهال من قائمة المبتهلين الذين تتاح لهم هذه الفرصة لتنطلق أصواتهم بعد مراجعة النصوص من كل مبتهل منهم
وفي سبيل تقديم خدمة لمستمعينا تحيطهم علما في كل مناسبة من المناسبات بكل مايجب أن يعرفوه عن هذه المناسبة فقد كنا نزاوج بين ماعندنا من تراث بالإضافة إلي مانقدمه جديد فعلي سبيل المثال في موسم الحج أذعنا أحاديث تراثية قدمها أعلام الإذاعة عن مناسك الحج وقدمنا أيضا برامج جديدة تناسب الفترة التي نحياها وهكذا في كل المناسبات
بقي أن أقول وأنا أسمع إذاعات القرآن في العالم أن إذاعة القرآن الكريم في مصر ستبقي رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الإذاعة الأولي في نسبة القراء الذين تحمل أصواتهم موجاتها إلي العالم كله بل إن إذاعات القرآن الكريم في العالم تعتمد علي هؤلاء القراء إضافة أن هذه الإذاعة بتاريخها الطويل قدمت الإسلام بوسطيته وكان رائدها في ذلك مجموعة من العلماء ليس لهم نظير في العالم كله كأمثال الشيوخ الأعلام شلتوت وعبد الحليم محمود والخضر حسين ومحمد بن فتح الله بدران والغزالي وإبراهيم سلامة والقصبي زلط والقائمة لاتنتهي بالإضافة إلي أعلام المتحدثين الآن من علماء الأزهر
ولقد قامت علي إعلاميين مخلصين علي امتداد تاريخها الطويل فأي إذاعة في العالم عندها الدكتور كامل البوهي والدكتور عبد الخالق محمد عبد الوهاب والدكتور فوزي خليل والدكتور علي طبوشة والأساتذة الكبار محمد عوض وإبراهيم مجاهد وعبد القادر الزنفلي والدكتور محمود خليل ورجب خليل وأحمد عبد الظاهر وإبراهيم خلف والخط ممدود إلي الجيل الحالي الذي يبدع برغم الظروف الصعبة فالكل يعرف ويستقر في وعيه هذه الأسماء شحاته العرابي والسيد صالح والدكتور كمال نصر الدين ومحمد جمعة وبهاء عبادة وعبد الرحمن أبو هاشم ووسام البحيري وغيرهم ولو كانت المساحة تستوعب لذكرت أسماء الزملاء فردا فردا وكذلك رئيسها المخلص الآن الزميل إسماعيل دويدار
وفي النهاية أختم برجاء أن تكون الموضوعية هي الرائد في حكمنا علي هذه الإذاعة الخالدة العريقة فالكل يشكو من الإعلانات وهذا مفهوم ومقدر لكن يجب أن أن تكون هذه الشكوي في حجمها وألا تؤثر علي ماتقدمه الإذاعة وماقدمته سواء في تاريخها الطويل أو في هذه الفترة من تاريخها
وقد ساءني أن يدخل وزير كان يحمل حقيبة الإعلام قبل ذلك في جوقة الهجوم علي إذاعة القرآن الكريم متخذا من صفحته علي الفيس منصة للهجوم بسبب الإعلانات والغريب أنها كانت موجودة في فترة توليه للوزارة ولم يفعل شيئا وقد طالبناه وقتها بأن يفعل شيئا فلم يفعل
وساءني أيضا أن يعمم خطأ غير مقصود أو تقصير علي عمل كل الزملاء ومن لايخطيء إلا من فرغت يداه من العمل الجاد فالخطأ وارد ويعلم كل من يعرفني أنني كنت أسمع وأسأل وأتقصي وأعدل حسب مايقتضيه الحال
قد لاتكون هذه الفترة من تاريخ إذاعة القرآن الكريم من أبهي فترات تاريخها لكنني حاولت قدر المستطاع أن أحافظ علي خطها الرئيسي كإذاعة للقرآن الكريم مادتها الرئيسية كتاب الله بأصوات قراء مصر الخالدين وتقديم الإسلام بوسطيته مستعينا بالأزهر الشريف هذه المؤسسة الإسلامية العريقة وقد فعلت ذلك مخلصا لربي سبحانه فقد عينت طوال هذه المدة بدرجتي الوظيفية كبيرا للمذيعين بدرجة مدير عام ولم أحظ بدرجة وكيل وزارة ولم أحصل علي أية حقوق مادية ومع ذلك فإنني في تمام الرضا وأعلن امتناني وشكري لهؤلاء الذين أحاطوني بالفضل وأكرموني بالنصح وبادلوني حبا بحب في كل مكان من أرض مصر الطيبة وأعتذر في النهاية علي كل تقصير بدر مني وأشهد الله أنني بذلت مافي وسعي مخلصا لكي تبقي إذاعة القرآن الكريم وجه مصر الإسلامي المضيء.

من صفحة الإذاعي الكبير رضا عبد السلام 

التعليقات مغلقة.