Take a fresh look at your lifestyle.

حكايات من تاريخ مصر.. قراءة في كتاب «البرنسيسة والأفندي» لصلاح عيسى

114

كتب: إيهاب مسعد 

يتناول كتاب «البرنسيسة والأفندي» للكاتب الراحل صلاح عيسى زواج البرنسيسة “فتحية ” صغرى شقيقات الملك “فاروق” ملك مصر السابق من أفندي قبطي هو “رياض غالي ” عام 1950 وهو الزواج الذي أثار عاصفة سياسية واجتماعية وطائفية في مصر  في ذلك الوقت .

وتعد أهمية الكتاب أنه كاشف لتاريخ مصر لما يقرب من نصف قرن شهدت خلاله مصر الكثير من الأحداث المهمة التي كان لها الأثر على مصر تمهيداً لقيام ثورة 1952 وما جرى في ظلها وحتى اللحظة  الراهنة .

وهذا الكتاب صادر عن دار الشروق ويقع في 640 صفحة من القطع الكبير، حيث بدأ المؤلف كتابه برسالة إل القارئ فيقول أن هذا الكتاب كتاب في التاريخ إلا أنني أعذرك لو وجدته أقرب   إلى فيلم سينمائي أخرج “حسن الإمام بعض مشاهده وأخرج “يوسف شاهين” مشاهد أخرى منه وليس ذلك على أي الأحوال نادراً في فيلم أو علم التاريخ فإذا أردت أن تفكر معه ومعي فذلك أيضاً ما قصدته بل هو ما أقصده .

وهذا الكتاب بالفعل في التاريخ وليس مجرد ذكر قصة زواج الأميرة “فتحية ” من “رياض غالي ” ولكنه كاشف لتاريخ مصر لما يقرب من نصف قرن .

وينقسم الكتاب إلى عشرة فصول تدخل في عمق المجتمع السياسي  والاجتماعي والفني والثقافي في مصر على مدار نصف قرن وكلها أشبه بالتسلسل كأنها حكاية.

الفصل الأول

ففي الفصل الأول يتناول المؤلف قصة حياة رياض غالي ذلك الأفندي وبسحره الخفي الذي أغرى البرنسيسة فتحية أصغر شقيقات الملك فاروق , فيذكر عنه أنه كان يعمل في القنصلية المصرية بمارسيليا عام 1946 حتى 1950  ويصفه المؤلف بأنه من النمط الانتهازي الذي جعل هدف حياته وهو الصعود إلى قمة الهرم الاجتماعي بصرف النظر عن الطرق التي تقوده إلى تلك القمة .

ويؤكد المؤلف أن رياض غالي يستطيع التنازل عن دينه المسيحي في سبيل الزواج من الأميرة فتحية , ويعتنق الإسلام ثم يعود إلى مسيحيته حين يحقق الغرض من إشهار إسلامه .

ويتطرق المؤلف إلى بداية معرفة رياض غالي بالأميرة فتحية وأمها الملكة نازلي حينما سافرت الملكة نازلي   والأميرة فتحية إلى باريس عام 1946 وكان في استقبالهما رياض غالي  وكان يقف في الصفوف الخلفية من المستقبلين ولم يبدأ التعارف إلى الملكة إلا حينما طلبت من القنصلية المصرية موظفا يشرف على نقل حائقبها إلى جينيف ويوضح المؤلف أن ذلك كان البداية وكانت نازلي , تسهر في الملاهي الليلية إلى الفجر وبصحبتها رياض غالي وكانت هناك تقارير عن الملكة تصل إلى القاهرة للملك فاروق وكانت هذه التقارير تحمل أنباء قلقة تدور عن شاب اسمه رياض غالي أصبح أهم شخص عند الملكة فهو يتلقى المكالمات الهاتفية ويستقبل من يريد مقابلة الملكة ويقود السيارة التي تنقل الملكة والأميرة للنزهة والتسوق .

ويؤكد المؤلف أنه طبقاً لما سبق طلب الملك من أمه الملكة نازلي العودة إلى القاهرة لكنها رفضت وسافرت إلى أميركا وبصحبتها ابنتها ورياض غالي وبذلك بدأ التحدي والتجريح بين الملك فاروق وأمه وفي ذلك الوقت كانت التقارير تحذر من رياض غالي وتصفه بأنه نصاب محترف دون أن تنبه إلى أنه بدأ يتسلل إلى قلب الأميرة فتحية , ويشير المؤلف إلى أن رياض فصل من عمله بالسفارة المصرية وذلك بأمر من الملك فعينته الملكة سكرتير لها وما أن عرفت  بحبه لابنتها لم ترى أي مانع  من الزواج سوى اختلاف الدين فأشهر إسلامه أمامها وتلا الشهادتين .

ويشير الكاتب صلاح عيسى إلى أن ما تلقى الملك فاروق خبر اعتزام الزواج إذا أصيب بصدمة كبيرة وارتفع غضبه على والدته وكان الخبر كفيلاً بالتهيج والتحريض والغضب على أكثر من وجه فمن يكرهون الملك استخدموا القصة ضده ومن يحبونه زادوا من ألسنتهم ضد أمه الملكة نازلي وتناولته الصحف طبقاً لمذاهبها كما في السابق .

ويؤكد المؤلف على أن عاصفة زواج الأميرة من الأفندي القبطي أنست المصريين هتافهم الشهير عاش “الهلال مع الصليب ” فيتحمل الأقباط المصريين جميعهم مسؤولية الاتهام بأن أحدهم قد أغوى أميرة مسلمة وتزوجها ويتعرضون لاحتكاكات تكاد تتحول إلى فتنة طائفية ولم يهدأ غبار العاصفة إلا عندما اجتمع مجلس البلاط الملكي ليقضي الحيلولة بين البرنسيسة ورياض غالي .

ويوضح المؤلف أن الاتصالات جرت بين القاهرة وبين سفراء وقناصل لدول عربية  إسلامية في أميركا طلبت منهم عدم الموافقة على أي طلب يقدمه رياض غالي لإشهار إسلامه .

ويعلن المؤلف أن محاولات القاهرة من الملك فاروق وحاشيته لوقف زواج أخته باءت  كلها بالفشل نتيجة تمسك البرنسيسة بغرامها للأفندي وتأييد الملكة نازلي وذلك بقولها ” لن أكسر قلب ابنتي الصغيرة من أجل لقب تافه “.

ويشير المؤلف إلى اجتماع مجلس البلاط الملكي في القاهرة ليقرر منع الملكة نازلي من التصرف في أموالها ووقف وصايتها على ابنتها وتجريد أخته من لقب الأميرة وحذفه اسمها من قائمة  من أعضاء الأسرة المالكة .

ويتنقل المؤلف إلى أن رياض غالي عثر على رجل باكستاني وافق على اشهار إسلامه وعقد قرانه على البرنسيسة طبقاً للشريعة الإسلامية وأعلن رياض غالي أمام المأذون الباكستاني انه مسلم وتلا الشهادتين .

وتزوج رياض غالي من الأميرة وأنجب منها  ثلاثة أبناء واستثمر أموال الملكة في البورصات الأميركية بعد حصوله على توكيل من الملكة بالتصرف في أموالها فأخذ يضارب في البورصة بمنطق المقامرة وبدأ يرهن ممتلكات الملكة والأميرة حتى وصل إلى خسارته جميع الأموال .

ويتنقل المؤلف إلى تحول الأفندي إلى وغد حقيقي إذ وصل الأمر به إلى طرد الملكة وزوجته وأبناءه من بيتهم الذي رهنه ولجأت الملكة إلى الإقامة عند أسرة يهودية مصرية هاجرت من مصر إلى أميركا بعد الثورة .

ويوضح المؤلف أن الأميرة تقدمت بطلب إلى المحكمة تطلب فيه بالانفصال الجسدي عن زوجها تمهيداً للطلاق ومع التحولات التي كانت تجرى في القاهرة برحيل جمال عبدالناصر عام 1970 تولدت فكرة العودة إلى مصر وإن كانت هناك عوائق منها تحول الملكة والأميرة ورياض إلى المسيحية .

ويؤكد المؤلف أنه في عام 1975 طلبت الأميرة من لويس عوض بالتوسط للعودة للقاهرة مع المسؤولين ولكن رياض غالي وصل إلى مرحلة اكتئاب حادة نتيجة شرب الخمر فاستدرج الأميرة إلى شقته ليقتلها ويطلق الرصاص على نفسه ولكنه لم يمت وحكم عليه بالسجن من خمس سنوات إلى 15 سنة ولكنه مات بعد الحكم عليه بثلاثة أشهر وكان ذلك 1976 لينتهي حلم العودة إلى مصر .

وفي عام 1978 توفيت الملكة نازلي ودفنت في أميركا بمدافن الكاثوليك  ,,,,, دنيا فعلاً كما يقول “صلاح عيسى “.

 

التعليقات مغلقة.